وقال: الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحيحاً، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل من الخوف. فقال له الرجل: كيف يا أبا الحسن؟ قال: لأنه إذا كان في صحته كيساً عظم رجاؤه عند الموت وحسن ظنه بربه، وإذا كان في صحته مسيئاً ساء ظنه عند الموت ولم يعظم رجاؤه.
ولما حضرت سري السقطي الوفاة قال له الجنيد: يا سيدي، لا يرون بعدك مثلك. قال: ولا أخلف عليهم بعدي مثلك.
قال الجنيد: دخلت على سري في مرضه الذي توفي فيه فقلت له: كيف تجدك أيها الشيخ؟ فقال: عبدٌ مملوك لا يقدر لنفسه شيئاً. فقال الجنيد: فأخذت المروحة لأروحه فقال: دعني، كيف أتروح بريح المروحة وأحشائي تحترق؟ فقلت له: أوصني أيها الشيخ، فقال: إياك وصحبة العوام. فقلت له: زدني أيها الشيخ. قال: فرفع رأسه إلي بعدما طأطأه وقال: ولا تشتغل عن الله بصحبة الأخيار. قال: فقلت له: لو سمعت منك هذه الكلمة من قبل لما صحبتك قط.
مات سري سنة إحدى وخمسين ومئتين، وقيل: سنة ثلاث وخمسين، وقيل: سنة سبع وخمسين، ودفن في مقبرة الشونيزي. وقبره ظاهر معروف وإلى جنبه قبر الجنيد.
قال أبو عبيد بن حربويه: حضرت جنازة السري السقطي فسررت. فحدثنا رجل عن آخر أنه حضر جنازة سري السقطي. فلما كان في بعض الليالي رآه في النوم فقال: