وقال يحيى بن معين: لم يتكلم في سعد بن إبراهيم غير مالك بن أنس، وكان سعد من الأمناء المسلمين.
وسرد سعد الصوم قبل أن يموت بأربعين سنة. قال شعبة: كان سعد بن إبراهيم يصوم الدهر، ويقرأ القرآن في كل يومٍ وليلة.
حدث ولده عنه قال: كان أبي يحتبي، فما يحل حبوته حتى يقرأ القرآن. وكان إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين لم يفطر حتى يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء، وكانوا يؤخرون العشاء الآخرة في شهر رمضان تأخيراً شديداً، وكان كثيراً ما إذا أفطر يرسل إلى مساكين فيأكلون معه.
قال أبو جعفر المدني:
دخلت على سعد بن إبراهيم وهو على دكانه له قال: فإذا حمارةً عليها شكوة، فلما سمع الأذان جاءت جارية فصبت منه في زجاجة شراباً به من الحسن شيءٌ من شيءٍ أحسبه، قال: فسقاني، ثم قال: أبا جعفر، تدري ما سقيتك؟ قال: قلت: ظننت إني ظمآن؟ قال: ولكني رأيتك تنظر إليه، فأحببت أن تعلم ما هو، هذا زبيبٌ، نأمر الجواري فينقينه من أقماعه وحصرمه، ثم يدق في المهراس، ثم يمرس ويصفى ويجعل في هذه الشكوة، فإذا أمسيت شربت منه، فأجده يقطع البلغم، ويعصمني، قال: وكان لا يأكل إلا بعد ما يذهب من الليل ما شاء الله يعني: يصلي.
وكان سعد يعجب من هؤلاء المتقشفين، وقلما رأيته خارجاً إلى المسجد للصلاة إلا مس غالية.
قيل لسعد بن إبراهيم: من أفقه أهل المدينة؟ قال: أتقاهم لربه عز وجل.