رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيوت أزواجه. وكانت أمه عمرة بنت مسعود من المبايعات فتوفيت بالمدينة ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غائبٌ في غزوة دومة الجندل، وكانت في ربيع الأول سنة خمس من الهجرة، وكان سعد بن عبادة معه في تلك الغزوة، فلما قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة أتى قبرها فصلى عليها.
ولما أراد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يهاجر سمع صوتاً بمكة يقول: من الطويل
إن يسلم السعدان يصبح محمدٌ ... من الأمن لا يخشى خلاف المخالف
فقالت قريش: لو علمنا من السعدان لفعلنا وفعلنا. قال: فسمعوا من القابلة وهو يقول:
فيا سعد سعد الأوس كن أنت مانعاً ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا ... على الله في الفردوس زلفة عارف
زاد في رواية أخرى:
فإن ثواب الله للطالب الهدى ... جنانٌ من الفردوس ذات رفارف
قال: سعد الأوس: سعدٌ بن معاذ، وسعد الخزرجين سعد بن عبادة.
الغطارف: الكرام.
قال ابن إسحاق: لما تفرق الناس عن بيعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة العقبة ونفروا وكان الغد فتشت قريش عن الخبر والبيعة، فوجدوه حقاً، فانطلقوا في طلب القوم، فأدركوا سعد بن عبادة وفاتهم منذر بن عمرو، فشدوا يدي سعد إلى عنقه بنسعةٍ، وكان ذا شعر كثير، فطفقوا يجبذونه بجمته، ويصكونه ويلكزونه. قال سعد بن عبادة: فوالله! إني لفي أيديهم