للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين أطباق الثرى. فوضع الجريدة على رأسه ونادى: وا انقطاع ظهراه، بأبي وأمي من لم أشهده ولم أره، يا محمد المصطفى، يا خير من ولدت النسائم. قال: بالله هل فيكم قرابة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال علي: يا بلال انطلق بهذا الرجل إلى منزل فاطمة عليها السلام، فانطلق به فقال لها الحبر: يا بنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا حبر من أحبار بيت المقدس، جئت أطلب الإسلام على يدي والدك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت فاطمة: يا حبر بيت المقدس، أن والدي قد مات. فنادى الحبر: وا انقطاع ظهراه بأبي وأمي من لم أره ولم أشاهد، بالله يا بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أما عندك ثوب من ثياب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.؟ قالت فاطمة للحسين: هات الثوب الذي نشف فيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء به فأخذه الحبر فألقاه على وجهه وجعل ينشق ريحه ويقول: بأبي وأمي من جسد نشف في هذا الثوب ثم رفع رأسه فقال: يا علي، صف لي صفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأني أنظر إليه. فبكى عليٌ بكاءً شديداً، قال: والله، إني كنت مشتاقاً إلى محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنا أشوق إلى حبيبي منك ثم قال: بأبي وأمي، لم يكن بالطويل الذاهب ولا بالقصير، كان ربعة من الرجال، أبيض مشربٌ بحمرة، جعد المفرق، شعره إلى شحمة أذنيه، صلت الجبين، واضح الخدين، مقرون الحاجبين، أدعج العينين، سبط الأشفار، أقنى الأنف، دقيق المسربة، مبلج الثنايا، كث اللحية، كأن عنقه إبريق فضة، كان الذهب يجري في تراقيه، عرقه في وجهه كاللؤلؤ، شثل الكعبين والقدمين، له شعرات ما بين لبته إلى صدره تجري كالقضيب، لم يكن على بطنه ولا على ظهره شعرات غيرها، تفوح منه رائحة المسك، إذا قام غمر الناس، وإذا مشى فكأنما يتقلع من صخرة، إذا التفت التفت جميعاً، وإذا انحدر كأنما ينحدر في صبب، أطهر الناس خلقاً، وأشجع الناس قلباً، وأسخى الناس كفاً، لم يكن قبله مثله، ولا يكون بعده مثله أبداً. قال الحبر: يا علي، إني أصبت في التوراة هذه الصفة. أيقنت أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله رسول الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>