رسول الله، وبرسول يأتي من بعده اسمه أحمد، أخرجه الله من غم الدنيا إلى روح الآخرة ونعيمها. قلت: ما نعيم الآخرة؟ قال: نعيمها لا يفنى، فلما قال إنها لا تفنى، فرأيت الحلاوة النور يخرج من شفتيه، فعلقه فؤادي، ففارقت أصحابي، وقلت: لا أذهب ولا أجيء إلا وحدي، وكانت أمي ترسلني إلى الكتاب، فأنقطع دونه، وكان أول من علمني شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن عيسى بن مريم رسول الله، ومحمد بعده رسول الله، والإيمان بالبعث بعد الموت، فأعطيته ذلك، وعلمني القيام في الصلاة، وكان يقول: إذا قمت في الصلاة فاستقبل القبلة فإن احتوشتك النار فلا تلتفت، وإن دعتك أمك وأبوك في صلاة الفريضة فلا تلتفت إلا أن يدعوك رسول من رسل الله، وإن دعاك وكنت في فريضة فاقطعها، فإنه لا يدعوك إلا بوحي من الله. وأمرني بطول القنوت، وزعم أن عيسى عليه السلام قال: طول القنوت الأمان على الصراط، وأمرني بطول السجود، وزعم أن طول السجود الأمان من عذاب القبر. وقال: لا تكذبنّ مازحاً ولا جاداً حتى يسلّم عليك ملائكة الله أجمعين. وقال: لا تعصين في طمع ولا عنت، حتى لا تحجب عن الجنة طرفة عين. ثم قال: إذا أدركت محمداً الذي يخرج من جبال تهامة فآمن به، واقرأ عليه السلام مني. وذكر إسلامه بطوله.
ومن حديث آخر مختصراً أن رجلين من أهل الكوفة كانا صديقين لزيد بن صوحان أتياه أن يكلم لهما سلمان أن يحدثهما بحديثه كيف كان أول إسلامه، فأتوا سلمان وهو على المدائن أمير، فإذا هو على كرسي قاعد وبين يديه خوص يسفه فقال سلمان: كنت يتيماً في رامهرمز، وكان ابن دهقان من رامهرمز يختلف إلى معلم يعلمه، فلزمته، وكان لي أخ أكبر مني، وكان مستغنياً في نفسه، وكنت غلاماً فقيراً، وكان إذا قام من مجلسه تفرق من يحفظه، فإذا تفرقوا خرج فتقبع في ثوبه ثم يصعد الجبل، فقلت: لم لا تذهب بي معك؟ قال: أنت غلام، وأخاف أن يظهر منك شيء. قال: قلت لا تخف، قال: في هذا الجبل قوم في برطيل، لهم