الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما في البيت أحد إلا سعيد مسجى، قال: فرأيته يتخطى، فلما رأيته يتخطى وقفت وأومأ إليّ: قف، فوقفت ورددت من ورائي، وجلس ساعة ثم خرج. فقلت: يا رسول الله، ما رأيت أحداً وقد رأيتك تتخطى، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما قدرت على مجلس حتى قبض لي ملك من الملائكة أحد جناحيه. فجلست ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: هنيئاً لك أبا عمرو، هنيئاً لك أبا عمرو - ويعني بع سعد بن معاذ.
ومن حديث الواقدي مختصراً قال: قالوا: ولم يزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر مقتل زيد بن حارثة وجعفر وأصحابه، ووجد عليهم وجداً شديداً، فلما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس بالتهيؤ لغزو الروم، وأمرهم بالانكماش في غزوهم، فتفرق المسلمون من عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم مجدون في الجهاز. ثم دعا أسامة في الغد يوم الثلاثاء فقال: يا أسامة، سر على اسم الله وبركته حتى تنتهي إلى مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش، فأغر صباحاً على أهل أبني، وحرق عليهم، وأسرع السير تسبق الخبر، فإن أظفرك الله فأقلل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء، وقدم العيون أمامك والطلائع، ثم صدع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحمّ في يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر، فلما أصبح يوم الخميس عقد له بيده لواء، ثم قال: امض على اسم الله، فخرج بلوائه معقوداً فدفعه إلى بريدة بن الحصيب، فخرج به إلى بيت أسامة، وأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسامة فعسكر بالجرف، وجعل الناس يأخذون بالخروج إلى العسكر، ولم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلا انتدب في تلك الغزوة: عمر بن الخطاب، أبو عبيدة، وسعد بن أبي وقاص، وأبو الأعور سعيد بن زيد، في رجال من المهاجرين، والأنصار عدة: قتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم حريس. وذكر الحديث.
وتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول. ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة، ودخل بريدة بن