قال: وكان كثيراً مما يقول عبد المطلب: يا معشر قريش، لا يغبطني منكم بجزيل عطاء الملك، وإن كثر، فإلى نفاد، ولكن يغبطني بما يبقى لي ولعقبي ذكره وفخره. فإذا قيل: وما هو؟ قال: سيعلم ما أقول ولو بعد حين. وعن مرداس بن قيس الدوسي قال: حضرت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ذكرت عنده الكهانة، وما كان من تغييرها عند مخرجه فقلت: يا رسول الله، قد كان عندنا من ذلك شيء، أخبرك أن جارية منا يقال لها خلصة لم نعلم عليها إلا خيراً، إذ جاءتنا فقالت " يا معشر دوس، العجب، العجب لما أصابني، هل علمتم إلا خيراً؟ قلنا وما ذاك؟ قالت: إني لفي غنمي إذ غشيتني ظلمة، ووجدت كحس الرجل مع المرأة، وخشيت أن أكون قد حبلت. حتى إذا دنت ولادتها وضعت غلاماً أغضف له أذنان كأذني الكلب، فمكث فينا، حتى إنه ليلعب مع الغلمان إذ وثب وثبة وألقى أزراره وصاح بأعلى صوته، وجعل يقول: يا ويله، يا ويله، يا غوله، يا غوله، يا ويل غنم، يا ويل فهم، من قابس النار، الخيل والله وراء العقبة، فيهن فتيان حسان نجبة. قال: فركبنا وأخذنا الأداة، وقلنا: ويلك ما ترى؟ قال: هل من جارية طامث؟ قلنا: من لنا بها؟ فقال شيخ منا: هي والله عندي عفيفة الأم. فقلنا: فعجلها، فأتى بالجارية، وطلع الجبل، وقال للجارية: اطرحي ثوبك، واخرجي في وجوههم وقال للقوم: اتبعوا أثرها، ثم صاح برجل منا يقال له أحمر بن حابس فقال: يا أحمر بن حابس، عليك أول فارس، فحمل أحمر فطعن أول فارس، فصرعه وانهزموا، وغنمناهم. قالوا: قالوا: فابتنينا عليه بيتاً، وسميناه ذا الخلصة، وكان لا يقول لنا شيئاً إلا كان كما يقول حتى إذا كان مبعثك يا رسول الله قال لنا يوماً: يا معشر قريش، نزلت بنو الحارث بن كعب فاركبوا فركبنا فقال لنا: اكدسوا الخيل كدساً، واحشوا القوم رمساً، ألقوهم غدية، واشربوا الخمر عشية، قال: فلقيناهم فهزمونا وفضحونا، فرجعنا إليه فقلنا: ما حالك وما الذي صنعت بنا؟! فنظرنا إليه، وقد احمرت عيناه، وانتصبت