معه وصيفة تناغيه، ثم أمر الريح أن تحمله فكانت السحاب تنحدر به كل يوم مرتين غدوة وعشية إلى أمه ترضعه وتغسله وتطيبه ثم تضعه في السحاب، فتحمله الريح بين السماء والأرض، فكانت إذا حنت إليه أأراده سليمان تكلما أو أحدهما، فتحمل الريح كلامهما إلى السحاب فينقض السحاب به إليهما حتى ينظرا إليه، ثم يأمر سليمان عليه السلام برده إلى موضعه، وإنما فعل ذلك شفقة عليه، قال: فأمر الله ملك الموت بقبض روحه، فقبضه ثم قال للسحاب: أرسليه فإنك تكفلت به وهو حي، فأرسلته، فوقع على كرسيه ميتاً، فذلك قوله عزّ وجلّ:" ولقد فتنّا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ".
قال الشعبي: قالت الجن:
لئن ولد لسليمان ذكر لنلقين منه مثل ما لقينا من أبيه، فتعالوا حتى نرصد أرحام نسائه حتى لا يولد له. قال: فولد له غلام، فلم يأمن عليه الإنس ولا الجن فاسترضعه في المزن يعني السحاب. وكان يزيد في السنة كذا وكذا، وفي الشهر كذا وكذا وفي الجمعة كذا وكذا، قال: فلم يشعر إلا وقد وضع على كرسيه، وقد مات. فذلك قوله عزّ وجلّ " وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ".
وقال غيره: الشيطان الذي كان أخذ خاتمه.
وقال ابن عباس: قوله: " وألقينا على كرسيه " يعني الجسد: صخراً المارد حين غلب على ملكه، وجلس على كرسي سليمان أربعين يوماً، فالله أعلم أي ذلك كان.
قال ابن عباس:
وإنما ابتلي سليمان بذهاب ملكه للصنم الذي صُور في داره. قال: كان سليمان رجلاً غزّاء، يغزو البحر والبر، فسمع بملك في جزيرة من جزائر البحر يقال لها: صندور، بها ملك عظيم لم يكن للناس إليه سبيل لمكانه من البحر، وكان الله عزّ وجلّ أعطى سليمان في ملكه سلطاناً لا يمتنع منه شيء في بر ولا بحر، إنما يركب الريح فتخرج به حيث يريد