قوله:" وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ". قال: ثم قام إليه خادم له من الجن فاستل خاتمه من أصبه فأبق به، وكانت الجن قبل ذلك لا يرومونه. فلما أخذ الجني الخاتم وكان عفريتاً مارداً ذا رأي في نفسه فقال: ما أخذت خاتم سليمان ولا وصلت إليه إلا بذنب بينه وبين الله عزّ وجلّ، وما آمن أن يرد اله ملكه فلأطرحن هذا الخاتم مطرحاً لا يقدر عليه أبدً ثم انطلق سريعاً حتى ألقاه في اللجة الخضراء. وأوحى الله إلى سليمان لمن ذبحت الجرادة التي قربتها لامرأتك؟ فإن كنت ذبحتها لي فقد صغرت أمري، وما سبقك إلى ذلك أحد، وقد علمت أنه لا يذبح لي إلا رُغاء أو خوار أو ثغاء، وإن كنت قد ذبحتها لصنم امرأتك فلأقلبك من العزة بي، أما كفاك أنك تزوجتها وهي مشركة فلم أعاتبك فيها! فلما فرغ إليه من القول شذ من أهله مرعوباً أربعين ليلة، يعير كما تعير الدابة، يبكي على نفسه، ويعدد على خطيئته، ويستغفر ربه. فلما أخبرته امرأته بالذي أصابه في سببها أحزنها ذلك وأبكاها، فأسلمت رجاء أن يرد الله إليه ملكه، فلما مضت لسليمان أربعون ليلة تاب الله عليه، وغفر له، وانصرف وقد أجهده الجوع، فمر بساحل من سواحل البحر، وإذا بحوت يضطرب فضرب بيده إلى الحوت، فأخذه ليأكله فلما فرى بطنه وجد فيه خاتمه فازداد بذلك خوفاً وعجباً ووجلاً فعاد إليه ملكه.
وقيل: إن سليمان كان عنده مجوسية امرأة، فقالت له يوماً في عيد كان لها: أعطني بقرة أذبحها لعيدنا، قال: لا، قال: فأعطني شاة، قال: لا، قالت: فأعطني دجاجة، قال: لا، قالت: فأعطني حمامة، قال: لا. فبينما هو كذلك إذ وقعت على يده جرادة، فقالت: أعطني هذه الجرادة، قال: نعم، ثم قطع رأسها بيده، فسال منها دم كثير حتى أفزع سليمان، ثم أنساه الله إياه، حتى أصابه بعدما سلب ملكه.
وقيل عن عباس أنه اختصم إلى سليمان فريقان أحدهما من أهل جرادة " امرأة كانت له يعجب بها -