الريح، فتحملهم فيسيرون. وقيل: يسير في الغداة الواحدة مسيرة شهر. فبينا هو ذات يوم يسير إذ احتاج إلى الماء، وهو في فلاة من الأرض، فدعا الهدهد فنقر الأرض، فأصاب موضع الماء، فجاءت الشياطين إلى المكان فيسلخونه كما يسلخ الإهاب حتى استخرجوا الماء: فكيف يعرف هذا ولا يعف الفخ حتى يقع في عنقه؟ فقال ابن عباس: ويحك إن القدر حال دون البصر.
حدث إدريس بن سنان أبو إلياس قال:
بلغنا " والله أعلم " عن صفة كرسي سليمان بن داود بحكمته أنه صنع دفوف الكرسي من عظام الفيلة، وفصصها بالدر وبالياقوت والزبرجد واللؤلؤ، صنعت صنعة لم يصنع مثلها من مضى، ولا صنعها من بقي بعده، ثم جعل له ست درجات بعضها فوق بعض، وجعل بين كل درجتين شبراً، وجعل كل درجة منها مفصصة بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ، وحفف الكرسي من جانبيه كليهما بنخل من ذهب، وعناقيدها ياقوت وزبرجد ولؤلؤ، وجعل رؤوس النخل من أحد جانبي الكرسي طواويس من ذهب، وجعل من جانبه الآخر سوراً من ذهب مقابلة للطواويس، وجعل عن يمين الدرجة الأولى شجرة صنوبر من ذهب، وعن يسارها أسداً من ذهب، وعلى رؤوس الأسدين عموداً من زبرجد، ومن جانبي الأسدين شجرتين كلتاهما كرم من ذهب معرشتين، فأظلتا الكرسي كله بتعريشها وورقها، وفوق أعلى درج الكرسي أسدين عظيمين من ذهب مجوفين محشوين مسكاً وعنبراًً، فإذا أراد سليمان بن داود الملك أن يصعد على كرسيه استدار الأسدان كما يستدير المنجنون فينفخان ما في أجوافهما من الطيب، ومن جانبي الكرسي منبران من ذهب أحدهما مجلس خليفة سليمان، والآخر مجلس الأحبار والقضاة، وسبعين منبراً من ذهب لسبعين قاضياً من أحبار بني إسرائيل وعلمائهم وكهولهم، من كل جانب من الكرسي خمسة وثلاثون منبراً، فإذا أراد الملك أن يصعد إلى كرسيه وضع قدميه على الدرجة الأولى من الكرسي استدار الكرسي كما يستدير المنجنون، فيبسط الأسد يده اليمنى والنسر جناحه الأيسر، فيتكئ سليمان عليها إلى الدرجة التي تليها وكذلك تصنع الأسد والنسور من كل درجة إلى درجة