على رجل من بين إسرائيل يعمل بالمسحاة في حرث له يقال له: مرعبدا، فقال مرعبدا ولم يرفع طرفه إليه: لقد أوتي آل داود ملكاً عظيماً، ثم أقبل على مسحاته، فلم يلتفت له، ولم ينظر إليه، والناس متشوفون من كل جانب، فلما رأى سليمان ذلك رفع رأسه فنظر إلى الطير فوقفن، فإذا وقفت الطير تركت الشياطين الأركان، وتجيء الريح فتحمل له البيت بقدرة الله. فلما نظر سليمان إلى العابد وهو مرعبدا قطع به فقال: والله ما هذا إلا رجل في قلبه إيمان ومعرفة ليس في قلب أحد.
قال عبد الله بن عمر: قال لنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله لينظر إلى الكافر ولا ينظر إلى المزهي، ولقد حملت سليمان بن داود الريح وهو متكئ، فأعجب واختال بنفسه فطرح على الأرض.
وعن الفضيل بن عياض قال: كان سليمان بن داود إذا أراد أن يركب وُضع له ست مئة ألف كرسي، تحتمله الريح، وتظله الطير والغمام فوق ذلك، فبينا هو يسير إذ مر بحرّاث يعمل في زرعه، فاستوقفه فوقف غير مستكبر، فإما أتاه أو ساءله فقال له: يا نبي الله، حك في نفسي شيء، لم أجد له موضعاً غيرك، قال: وما هو؟ قال: أرأيت ما مضى من ملكك هذا هل تجد لشيء منه لذة؟ قال: لا. قال: فما بقي؟ قال: ولا. قال: ما أراك سبقتني من الدنيا إلا باليسير، قيل: فقال له سليمان: هل لك أن تصحبني؟ قال: فما تصنع بي؟ قال: أصنع بك خيراً، قال: هل تزيد في رزقي؟ قال: لا، قال: فهل تزيد في عمري؟ قال: لا، قال: فما أصنع بصحبتك!! وعن ابن كعب القرظي في قوله عزّ وجلّ " ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلا من قبل " الآية قال: يعني يتزوج ما يشاء من النساء، هذا فريضة، وكان من الأنبياء هذا سننهم، وقد كان لسليمان بن داود ألف امرأة، سبع مئة مهيرة