وعن خيثمة قال: قال سليمان بن داود لملك الموت: إذا أردت أن تقبض روحي فأعلمني، قال: ما أنا بأعلم بذلك منك، إنما هي كتب تلقى إلي فيها تسمية من يموت.
وعن الحسن أن سليمان لما فرغ من بناء بيت المقدس وأراد الله تعالى قبضه دخل المسجد فإذا أمامه في القبلة شجرة خضراء بين عينيه. فلما فرغ من صلاته تكلمت الشجرة فقالت: ألا تسألني ما أنا؟ فقال سليمان: ما أنت؟ قالت: أنا شجرة كذا وكذا دواء كذا من داء كذا، فأمر سليمان بقطعها. فلما كان من الغد فإذا بمثلها قد نبتت، فسألها سليمان فقال: ما أنت؟ قالت أنا شجرة كذا وكذا دواء كذا من داء كذا، فأمر بقطعها. فكان كل يوم إذا دخل المسجد يرى شجرة قد نبتت، فيسألها فتخبره، فوضع عند ذلك كتاب الطب حتى وضعوا الطب وكتبوا الأدوية وأسماء الشجر التي نبتت في المسجد، فلما فرغ من ذلك نبتت شجرة فدخل المسجد. فلما صلى قال لها: ما أنت؟ قالت: أنا الخرنوب قال: وما الخرنوب؟ قالت: لا أنبت في بيت غلا كان سريعاً خرابه، فقال سليمان: الآن قد علمت، إن الله قد أذن في خراب هذا المسجد وذهاب هذا الملك، فقطع سليمان تلك الشجرة فاتخذ منها عصاً يتوكأ عليها، فكانت تلك منسأته.
وكان سليمان يتعبد في كل سنة أربعين يوماً لا يخرج من محرابه إلى الناس عدة الأيام التي كلم الله تعالى موسى وعدة أيام توبة داود النبي صلى الله على نبينا وعليهم وسلم، فكان يلبس الصوف ويصوم ويقوم في محرابه، فيصف بين رجليه، وربما اتكأ على عصاه يواصل فيها الصوم، ثم يخرج بعد الأربعين. فلما افتنن وغفر الله له، ورد عليه ملكه اجتهد في العبادة، فكان يتعبد كل سنة ثمانين يوماً، فلما أراد الله قبضه دخل محرابه فقام يصلي واتكأ على عصاه، فبعث الله ملك الموت، فقبض روحه، فبقي سنة على عصاه، فانتظره الناس ثمانين يوماً فلم يخرج فقالوا: قد اجتهد في العبادة، إنه كان مدتهاً أربعين يوماً، ثم زاد حتى بلغ ثمانين يوماً فلم يخرج، وإنه قد اجتهد أيضاً فكانوا لا يعلمون بموته، لا الجن ولا الإنس، وكانت الجن والشياطين متفرقين في أصناف الأعمال وليس أحد يعلم بموته حتى سلط الله الأرَضَة على عصاه التي كان يتوكأ عليها فأكلتها فوقع سليمان والعصا فذلك قول الله عزّ