حطماً حتى ارتفع الضحى ومتع النهار، ثم أقبل على قيم البستان فقال: ويحك يا فلان، إني قد استجعت، فهل عندك شيء تطعمنيه؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين: عتاق حولية حمراء، قال: ائتني بها، ولا تأتين معها بخبز، فجاء بها على خوان لا قوائم لها، وقد شصيت بأربعها، وقد انتفخت وملأت الخوان، وجاء بها غلمة يحملونها فأدنوها منه، وهو قائم، فأقبل يأخذ العضو فيجيء معه ليفتحه، فيطرحه في فيه، ويلقي العظم حتى أتى عليها، ثم عاد لأكل الفاكهة، فأكل فأكثر، ثم قال للقيم: ويحك ما عندك شيء تطعمنيه؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين، دجاجتان بحريتان قد عمتتا شحماً قال: ائتني بهما، ففعل بهما كما فعل بالعتاق، ثم عاد لأكل الفاكهة، فأكل ملياً، ثم قال للقيم: هل عندك شيء تطعمنيه؟ فإني قد جعت ويحك، قال: عندي سويق جديدة يعني الحنطة، كأنه قطع الأوتار، وسمن بسلاء وسكر، قال: أفلا أعلمتني بهذا قبل؟ ائتني به. وأكثِر فجاء بقعب يقعد فيه الرجل، وقد ملأه من السويق قد خلطه بالسكر وصب عليه سمن سلاء، وأتي بجرة ماء بارد وكوز، فأخذ القعب على كفه وأقبل القيم يصب عليه الماء فيحركه حتى كفأه على وجهه فارغاً، ثم عاد لأكل الفاكهة فأكل ملياً حتى جرت عليه الشمس، ودخل، وأمرنا أن ندخل إلى مجلسه، فدخلنا وجلسنا، فما مكث أن خرج علينا. فلما جلس قام كبير الطباخين حياله يؤذنه بالغداء فأومأ إليه أن ائت بالغداء، فوضع يده فأكل، فما فقدنا من أكله شيئاً.
وفي حديث آخر بمعناه وفيه: ثم إن سليمان بن عبد الملك بعد فراغه من أكله هذا عرضت له حمى أدته إلى الموت.
كان سليمان بن عبد الملك يأخذ المرآة، فينظر فيها من فرقه إلى قدمه، ويقول: أنا الملك الشاب، فلما نزل بمرج دابق حمّ وفشت الحمى في عسكره فنادى بعض خدمه، فجاءت بطست فسقطت، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: محمومة. قال: فأين فلانة؟ قالت: محمومة. فلم يعد أحداً إلا قالت محموم، فقال سليمان: الحمد لله جعل