ولست بمبتدع ولكني متبع، وإن من حولكم من الأمصار والمدن فإن هم أطاعوا كما أطعتم فأنا واليكم، وإن هم نفثوا فلست لكم بوالٍ، ثم نزل يمشي، قال: فأتاه صاحب المراكب بمركب، فقال: ما هذا؟ قال: مركب للخليفة، قال: لا حاجة لي فيه، ائتوني بدابتي، فأتوه بدابته، فركبها. ثم خرج يسير، وخرجوا معه، فمالوا به إلى طريق، فقال: إلى أين؟ قالوا: البيت الذي هيأنا للخليفة. قال: لا حاجة لي فيه، انطلقوا بي إلى منزلي. قال رجاء: فأتى منزله، فنزل عن دابته، ثم دعا بداوة وقرطاس، فجعل يكتب بيده إلى العمال في الأمصار، ويملي على نفسه، قال رجاء: فلقد كنت أظن أنه سيضعف. فلما رأيت صنيعه في الكتاب علمت أنه سيقوى بهذا أو نحوه.
لما احتضر سليمان بن عبد الملك جعل يقول:
إن بني صبية صغارُ ... أفلح من كان له كبار
فيقول عمر بن عبد العزيز: قد أفلح المؤمنون يا أمير المؤمنين، فيقول سليمان:
إن بني صبية صيفيون ... أفلح من كان له شتويون
فيقول عمر: قد أفلح المؤمنون يا أمير المؤمنين.
وقال بعض أهل العلم: إن آخر ما تكل به سليمان قال: أسألك منقلباً كريماً.
قال الأوزاعي: أخرجت جنازة سليمان بن عبد الملك، وحضرت صلاة المغرب، فبدأ عمر بن عبد العزيز بصلاة المغرب ثم صلى على سليمان.
ومات سليمان من ذات الجنب بدابق من أرض قنسرين، وهو ابن خمس وأربعين سنة.
وقيل: ثلاث وأربعين سنة، وقيل: إنه لم يبلغ الأربعين.