حدث سليمان بن مجالد قال: خرجت مع أبي جعفر المنصور نريد هشام بن عبد الملك، وأبو جعفر على حمار، وأنا أسوق به، منصرفاً إلى الرصافة، فنزلنا على مسلمة لنأخذ رأيه، فأمر لنا بخمس مئة درهم، وقال له مسلمة: لا تبت بها، واتخذ لنا مسلمة سفرة فيها طعاما فعلقتها على الحمار ورحلنا، فلما انفلق الصبح وأصاب الدنيا، إذا هشام قد أدركنا، فقال لي أبو جعفر: اعدل عن طريقه لئلا يرانا، فعدلنا، وقام يصلي الغداة، وبصر بنا هشام، فقال لمسلمة: من صاحب الحمار والرجل الذي معه؟ فقال: هذا ابن عمك عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، أوصلت إليه صلتك وأمرته بالخروج في الليل فسمع لأمرك، رق له هشام، ونزل عن فرسه، وقال لبعض أصحابه: امضِ به وادفعه إلى ذلك الفتى، ومضى وأخذنا الفرس، فركبه أبو جعفر وركبت الحمار، حتى إذا انبسطت الشمس نزل أبو جعفر وأنا أمسك الفرس، فصلى ركعتين ودعا ثم قال: اللهم، كما حملتني على فرسه فأجلسني مجلسه، ثم التفت إلي فقال: هات شيئاً حتى نأكل، فقربت السفرة، وفيها طعام حسن من طعام مسلمة، وجعلنا نأكل منها، فوقف علينا سائل، وعليه فروة حمراء وبيده عصا، فقال: تصدقوا رحمكم الله فقال له أبو جعفر: صنع الله لك، فمر الشيخ، ثم ندم أبو جعفر وقال أستغفر الله، وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم سبقني لساني إلى الرد عليه، خذ السفرة فادفعها إليه بما فيهنا، فأخذت السفرة، فأتيت الشيخ بها، فقلت: إن هذا الفتى ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنه فكر في أمرك وأنت بمقطعة ودار مضيعة، فبعث بسفرته وجميع طعامه إليك، فقال لي: أقرئه السلام، وقل له لا حاجة لنا في طعامك، إن الله عزّ وجلّ قد سمع دعاءك، وأنت تقول: اللهم، كما حملتني على فرسه فأجلسني مجلسه، وإن الله وله الحم سيفعل ذلك، قال: فرجعت إلى أبي جعفر بالجواب فقال: قرّب لي فرسي ما هذا إلا الخضر عليه السلام، فركب الفرس ودار في الصحراء فلم ير له أثراً.
كان على أبواب مدينة أبي جعفر مما يلي الرحاب ستور وحجاب، وعلى كب باب قائد، فكان على باب الشام سليمان بن مجالد في ألف، وعلى باب البصرة أبو الأزهر التيمي في ألف، وعلى باب الكوفة خالد العكّي في ألف، وعلى باب خراسان مسلمة بن صهيب الغساني في ألف، وكان لا يدخل أحد من عمومته، يعني عمومة المنصور، ولا غيرهم من هذه الأبواب إلا راجلاً إلا داود بن علي عمه فإنه كان منقرساً، فكان يُجعل في محفة