في السرية إلا أنصاري، وفيها وجوه الأوس والخزرج، فاجتنبوا الخيل، واعتقبوا على الإبل حتى أغاروا على أحياء من أحياء العرب، وسأل عن محلة آل حاتم فدل عليه، فشنوا الغارة مع الفجر، فسبوا حتى ملؤوا أيدهم من السبي والنعم والشاء، وهدم الفلس وخربه وكان صنماً لطيىء، ثم أنصرف راجعاً إلى المدينة.
قالوا: وإن علياً عليه السلام، خرج ومعه راية سوداء ولواء أبيض، معهم القنا والسلاح الظاهر، وقد دفع رايته إلى سهل بن حنيف، ولواءه إلى جبار بن صخر السلمي، وخرج بدليل من بني أسد يقال له حريث خريتا فسلك بهم على طريق فيد، فلما انتهى بهم إلى موضع قال: إن بينكم وبين الحي الذي تريدونه يوماً تاماً، وإن ترناه بالنهار ووطئنا أطرافهم ورعاءهم، فأنذورا الحي فتفرقوا. فلم تصيبوا منهم حاجتكم، لكن نقيم يومنا هذا في موضعنا حتى نمسي، ثم نعتشي ليلتنا على متون الخيل فنجعلها غارة حتى نصبحهم في عماية الصبح، قالوا: هذا الرأي فعسكروا وسرحوا إبلهم واصطنعوا، وبعثوا نفراً منهم يتقصون ما حولهم، فبعثوا أبو قتادة والجباب بن المنذر وأبا نائلة فخرجوا على متون خيلهم يطوفون حول المعسكر، فأصابوا غلاماً أسود فقالوا: ما أنت: قال: أطلب بغيتي، فأتوا به علياً، فقال: من أنت؟ قال: باغ، قال: فشدوا عليه فقال: أنا غلام لرجل من طيئ من بني نبهان، أقرّوني في هذا الموضع، وقالوا: إن رأيت خيل محمد فطر إلينا فأخبرنا، وأنا لا أدرك شداً. فلما رأيتكم أردت الذهاب إليهم، ثم قلت: لا أعجل حتى آتي أصحابي بخبر بين من عددكم وعدد خيلكم وركابكم، ولا أخشى ما أصابني، فلكأني كنت مقيداً حتى أخذتني طلائعكم.
قال عليّ: اصدقنا ما وراءك؟ قال: أوائل الحي على مسيرة ليلة طرادة تصحبهم الخيل في مغارهم خبباً وعدواً، قال علي لأصحابه: ما ترون؟ قال جبار بن صخر: نرى أن ننطلق على متون الخيل ليلتنا حتى نصبح القوم وهم غارون فنغير عليهم ونخرج