للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني المال - حتى لا يوجد من يأخذه، ولعله أن يمنعك من ذلك ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور البيت لا تخاف، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم، قال: فأسلمت، فكان عدي يقول: مضت اثنتان، وبقيت الثالثة، والله لتكونن. لقد رأيت القصور البيض من أرض بابل، وقد فتحت عليهم، ورأيت المرأة تخرج على بعيرها، لا تخاف إلا الله حتى تحج البيت من القادسية، وأيم الله لتكونن الثالثة: ليفيضن المال حتى لا يوجد من يأخذه.

وعن علي بن أبي طالب أنه قال: يا سبحان الله، ما أزهد كثيراً من الناس في الخير، عجبت لرجل يجيئه أخوه المسلم في حاجة لا يرى نفسه للخير أهلاً، فلو كنا لا نرجو جنة ولا نخشى ناراً ولا ثواباً ولا عقاباً لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق فإنها تدل على سبل النجاح، فقام رجل فقال: فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين، سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم، وما هو خير منه، لما أتينا سبايا طيئ وقعت جارية جماء، حواء، لعساء، لمياء، عيطاء، شماء الأنف، معتدلة القامة، درماء الكعبين، جدلة الساقين، لفاء العجزين، خميصة الخصرين، مصقولة المتنين، ضامرة الكشحين، فلما رأيتها أعجبت بها، فقلت: لأطلبن إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجعلها من فيئي. فلما تكلمت نسيت جمالها لما رأيت من فصاحتها، فقالت: يا محمد، إن رأيت أن تخلي عني فلا تشمت بي أحياء العرب، فإني ابنة سيد قومي، وإن أبي كان يفكّ العاني، ويحمي الذمار، ويقري الضيف، ويشبع الجائع، ويفرج عن المكروب، ويفشي السلام، ويطعم الطعام، ولم يرد طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم طيئ، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا جارية، هذه صفة المؤمن حقاً، لو كان أبوك إسلامياً لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق، فقام أبو بردة بن نيار، فقال: يا رسول الله، الله يحب مكارم الأخلاق؟ فقال: يا أبا بردة، لا يدخل الجنة أحد إلا بحسن الخلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>