قد حازها من أصبحت عنده ... ينال منها الشمّ والريحا
خليفة الله فلّ الهوى ... وغزّ قلباً منك مجروحا
فأمسك الأحوص عن جوابه. ثم إن شابين من بني أمية أرادا الوفادة إلى يزيد، فأتاهما الأحوص، فسألهما أن يحملا له كتاباً، ففعلا وكتب إليها معهما: من الكامل
سلام ذكرك ملصق بلساني ... وعلى هواك تعودني أحزاني
ما لي رأيتك في المنام مطيعة ... وإذا انتبهت لججت في العصيان
ثم غلبه جزعه، فخرج إلى يزيد ممتدحاً له، فقربه وأكرمه، وبلغ لديه كل مبلغ، فدست إليه سلامة خادماً، وأعطته مالاً على أن يدخله إليها، فأخبر الخادم يزيد بذلك، فقال: امض لرسالتها، ففعل ما أمره، وأدخل ألاحوص، وجلس يزيد بحيث يراهما. فلما بصرت الجارية بالأحوص بكت إليه وبكى إليها، وأمرت فألقي له كرسي فقعد عليه، وجعل كل واحد منهما يشكو إلى صاحبه شدة الشوق، فلم يزالا يتحدثان إلى السحر، ويزيد يسمع كلامهما، من غير أن يكون بينهما ريبة حتى إذا هم بالخروج قال: من البسيط
أمسى فؤادي في هم وبلبال ... من حب من لم أزل منه على بال
فقالت:
صحا المحبون بعد النأي إذ يئسوا ... وقد يئست وما أصحو على حال
فقال:
من كان يسلو بيأس عن أخي ثقة ... فعنك سلاّم ما أمسيت بالسالي
فقالت:
والله والله لا أنساك يا شجني ... حتى تفارق مني الروح أوصالي
فقال:
والله ما خاب من أمسى وأنت له ... ياقرة العين في أهل وفي مال