رجالهم، وأنت إن شاء الله سيّدة نسائهم، أحب هذا وأكره هذا. قالت: فحدثني عن أختانك أتحب أن يزوروك؟ قال: قلت: إني رجل قاض وأكره أن يملوني وأكره أن ينقطعوا عني. قال: فأقمت معها سنة أنا كل يوم أشد سروراً مني باليوم الذي مضى، فرجعت يوماً من مجلس القضاء فإذا عجوز تأمر وتنهي في منزلي فقلت: من هذه يا زينب؟ قالت: هذه ختنك، هذه أمي. قلت: كيف حالك يا هذه؟ قالت: كيف حالك يا أبا أمية؟ وكيف رأيت أهلك؟ قال: قلت: كل الخير. قالت: إن المرأة لا تكون أسوأ خلقاً منها في حالتين: إذا ولدت غلاماً وإذا حظيت عند زوجها، فإن رابك من أهلك ريب فالسوط السوط. قلت: أشهد أنها ابنتك، قد كفيتني الرياضة وأحسنت الأدب، فكانت تجيئني في كل حول مرة فتوصي بهذه الوصية، ثم تنصرف، فأقمت معها عشرين سنة ما غضبت عليها يوماً ولا ليلة إلا يوماً وكنت لها ظالماً، وذلك إني ركعت ركعتي الفجر وأبصرت عقربا فعجلت عن قتلها، فكفأت عليها الإناء وبادرت إلى الصلاة وقلت: يا زينب، إياك والإناء فعجلت إليه فحركته فضربها العقرب، فلو رأيتني يا شعبي وأنا أمصّ أصبعها وأقرأ عليها المعوذتين، وكان لي جار يقال له قيس لا يزال يقرع مرأته فعند ذلك أقول: من الطويل
رأيت رجالاً يضربون نساءهم ... فشلت يميني حين أضرب زينبا
يا شعبي، فعليك بنساء بني تميم فإنهن النساء.
أوصى شريح أن يصلى عليه بالجبّانة، وأن لا يؤذن به أحد، ولا تتبعه صائحة وألا يجعل على قبره نور، أن يسرع به السير، وأن يلحد له.
مات شريح سنة ثمانين. وقيل: سنة ست وسبعين. وقيل: سنة ثمان وسبعين، وهو ابن مئة وعشرين سنة. وقيل: ابن مئة وعشر سنين. وقيل: مئة وثمان سنين. بعدما عزل عن القضاء لسنتين. وقيل: توفي سنة سبع وثمانين.