للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن والدي لما بنى بأمي حملت، رأت فيما يرى النائم أن نوراً خرج من جوفها، فجعلت تتبعه بصرها حتى ملأ ما بين السماوات والأرض نوراً، فقصت ذلك على حكيمة من أهلها، فقالت لها: والله لئن صدقت رؤياك ليخرجن من بطنك غلام يعلو ذكره بين السموات والأرض، وكان هذا الحي من بني سعد بن هوزان ينتابون نساء أهل مكة فيحضنون أولادهم، وينتفعون بخيرهم، وإن أمي ولدتني في العام الذي قدموا فيه، وهلك والدي فكنت يتيماً في حجر عمي أبي طالب، فأقبل النسوان يتدافعنني ويقلن: ضرع صغير لا أب له، فما عسانا أن ننتفع به من خير؟ وكانت فيهن امرأة يقال لها أم كبشة بنت الحارث، فقالت: والله لا أنصرف، عامي هذا، خائبة أبداً، فأخذتني وألقتني على صدرها، فدر لبنها فحضنتني، فلما بلغ ذلك عكي أبا طالب أقطعها إبلاً ومقطعات من الثياب ولم يبق عم من عمومتي إلا أقطعها وكساها، فلما بلغ ذلك النسوان أقبلن إليها فقلن: والله يا أم كبشة لو علمنا بركة هذا الغلام تكون هكذا ما سبقتنا إليه. قال: ثم ترعرعت وكبرت، وقد بغضت إلى أصنام قريش والعرب، فلا أقربها ولا آتيها، حتى إذا كان بعد زمين خرجت بين أتراب لي من العرب نتقاذف بالأجلة يعني البعر، فإذا بثلاثة نفر مقبلين، معهم طست من ذهب مملوء ثلجاً، فقبضوا علي من بين الغلمان، فلما رأى ذلك الغلمان انطلقوا هراباً، ثم رجعوا فقالوا: يا معشر النفر، إن هذا الغلام ليس منا ولا من العرب. وإنه لابن سيد قريش وبيضة المجد، وما من حي من أحياء العرب إلا لآبائه في رقابهم نعمة مجللة، فلا تصنعوا بقتل هذا الغلام شيئاً، فإن كنتم لا بد قاتليه فخذوا أحدنا فاقتلوه مكانه. قال: فأبوا أن يأخذوا مني فدية، فانطلقوا وأسلموني في أيديهم فأخذني أحدهم فأضجعني إضجاعاً رقيقاً فشق ما بين صدري إلى عانتي، ثم استخرج قلبي فصدعه، فاستخرج منه مضغة سوداء منتنة فقذفها ثم غسله في تلك الطست بذلك الثلج ثم رده، ثم أقبل الثاني فوضع يده على صدري إلى عانتي فالتأم ذلك كله، ثم أقبل الثالث وفي يده خاتم له شعاع فوضعه بين كتفي ويدي، فقد لبثت زماناً من دهري وأنا أجد برد ذلك الخاتم، ثم انطلقوا وأقبل الحي بحذافيرهم وأقبلت معهم أمي التي

<<  <  ج: ص:  >  >>