حدث خليفة العصفري قال: الذي ولي قتل الحسين شمر بن ذي الجوشن وأمير الجيش عمر بن سعد بن مالك.
قال مسلم بن عبد الله الضبابي: لما خرج شمر بن ذي الجوشن وأنا معه حين هزمنا المختار وقتل أهل اليمن بجبانة السبيع، ووجه غلامه رزيناً في طلب شمر حتى نزل ساتيدما، ثم مضى حتى نزل إلى جانب قرية يقال لها الكلتانية على شاطئ نهر إلى جانب تل، ثم أرسل إلى تلك القرية فأخذ منها علجاً ثم قال: النجاء بكتابي هذا إلى مصعب بن الزبير وكتب عنونه للأمير مصعب بن الزبير من شمر بن ذي الجوشن، فمضى العلج حتى يدخل قريبة فيها بيوت وفيها أبو عمرة، وقد كان المختار بعثه في تلك الأيام إلى تلك القرية لتكون مسلحة فيما بينه وبين أهل البصرة، فلقي ذلك العلج علجاً من أهل تلك القرية فأقبل يشكو إليه ما لقي من شمر، فإنه لقائم معه يكلمه إذ مر به رجل من أصحاب أبي عمرة، قرأ الكتاب مع العلج وعنوانه لمصعب من شمر، فسألوا العلج عن مكانه الذي هو به وأخبرهم فإذا ليس بينهم وبينه إلا ثلاثة فراسخ فأقبلوا يسيرون إليه. قال: فحدثني مسلم بن عبد الله: وأنا والله مع شمر تلك الليلة، فقلنا له: لو أنك ارتحلت بنا من هذا المكان فإنا نتخوف به، فقال: أوكل هذا فرقاً من هذا الكذاب، والله لا أتحول منه ثلاثة أيام، ملأ الله قلوبكم رعباً، قال: وكان ذلك المكان الذي كنا به فيه دباء كثير، فوالله إني لبين اليقظان والنائم إذ سمعت وقع حوافر الخيل فقلت في نفسي: هذا صوت الدباء ثم إني سمعته أشد من ذلك فانتبهت ومسحت عيني، قلت: لا والله ما هذا بالدباء. قال: وذهبت لأقوم فإذا أنا بهم قد اشرفوا علينا من التل، فكبروا ثم أحاطوا بأبياتنا، وخرجنا نشتد على أرجلنا وتركنا خيلنا. قال: فأمر على شمر وإنه لمرتد ببرد محقق وكان أبرص فكأني أنظر إلى بياض كشحيه من فوق البرد، وإنه ليطاعنهم بالرمح قد أعجلوه أن يلبس سلاحه وثيابه، فمضينا وتركناه فما هو إلا أن مضت ساعة إذ سمعت: الله أكبر، قتل الله الخبيث.