للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا أبو سفيان: ابن أخيك هذا؟ قال: لا، ولكن فلان. ثم جاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جماعة الناس، فقال أبو سفيان: إني لأظن هذا ابن أخيك؟ فقال: أجل، إي والله، لقد علمت ما حملك على الذي صنعت، إنما أردت أن تريني هؤلاء قال: أجل، إني حسبت أن يكون في نفسك قلة القوم وهم متفرقون في السَّمُر والأراك، فترجع إلى قومك فتخبرهم بذلك، ثم ترجع كافراً، فقال: أجل والله، لقد كان ذلك في نفسي، فوالله ما زالت أرى الكتائب والقبائل حتى رأيت أن جبال مكة ستسير معهم. فهذا حين أيقنت. فانطلق حتى انتهى إلى الأبطح، وعكرمة أبي جهل واقف في الناس، فقال: يا أبا سفيان، ما وراءك؟ فقال: مالا يدان والله لك به ولا قومك، فقال: إني لأظنك قد صبوت، فقال: وقد كان بعض ذلك، فقال: لعنك الله من رئيس قوم، فوالله لقد هممت أن أبدأ بك. فانطلق، فجاءت العجوز هند كاشفة عن ساقها تقول: أبا سفيان، ما وراءك؟ فقال: يا بنت عم، الخيل، فقالت: ثكل قِبن من وافد قوم، قتلت فلاناً - فسمت ابناً لها - وأكلت لحم معاوية. ونادى مناديه: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، فدخلوا داره حتى ملأوها عليه، حتى لاذوا بالحيطان، وأقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الناس، وبعث خالد بن الوليد من قِبل اليمين، فالتفوا، وصرخ صارخ لقريش: لا قريش، هلكت قريش بعد اليوم، فشار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمر مناديه: مَن دخل داره فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن.

قال يزيد الرقاشي: لما أتي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأبي سفيان عرض عليه الإسلام، فقال له أبو سفيان: وتحملني على بغلتك، وتكسوني بردتك، وتتخذ معاوية كاتباً - وأراه قال: وتزوج أم حبيبة - ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن؟ كل ذلك يقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم. فأسلم. فسرحة ومشى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى انتهى إلى مكة، فالتقى القوم فاقتتلوا، ونفذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى دخل المسجد، فجعل يطعن بسية قوسه في عين الصنم، ويقول: " جَاءَ الحقُّ وزهق الباطلُ إن الباطلَ كان زهُوقاً ".

<<  <  ج: ص:  >  >>