قال: إني إذاً لمريء، ثلاثاً. سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولها. وإلا فصُمَّتا.
وعن أبي غالب قال: كنت في مسجد دمشق إذ قدمت رؤوس من رؤوس اللأزارقة مما كان بعث به المهلب بن أبي صفرة. فنضبت عند درج المسجد. فاجتمع الناس ينظرون إليها، فدنوت منها، فجاء أبو أمامة فدخل المسجد، فصلّى ثم خرج. فلما رآها قال: سبحان الله! ما يصنع الشيطان بأهل الإسلام. ثم دنا من الرؤوس فقال: كلاب جهنم، ثلاثاً. شرّ قتلى قتلوا تحت ظل السماء. خير قتلى قُتلوا تحت ظل السماء؛ قتلى قتلهم هؤلاء. ثلاث مرات. ثم نظر في القوم فإذا هو بي فقال: أما إن هؤلاء بأرضك يا أبا غالب، قلت: أجل، فأعوذ بالله من شرهم. قال: نعم، فأعوذ بالله من شرهم. قال: أما تقرأ هذه الآية التي في أول آل عمران: " هُوَ الذي أنزلَ عليْكَ الكتابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَاب وأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمّا الذينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُوْنَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيْلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيْلَهُ إِلاَّ اللهُ ". ثم قال: أما تقرأ التي في آخر آل عمران: " يَوْمَ تَبْيَضُ وُجُوهٌ وَتَسُوَدُّ وُجُوهٌ فأَمّا الَّذِيْنَ اسوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيْمَانِكُمْ " الآية.
قال وافترقت بنو إسرائيل على واحد وسبعين فرقة أو ثنتين وسبعين فرقة. وهذه الأمة ستزيد عليهم فرقة. كلم في النار غير السواد الأعظم. قال: ألا ترى ما فيه السواد الأعظم؟ وذلك في أول خلافة عبد الملك، والقتل يومئذ ظاهر. قال: عليهم ما حُملوا، وعليكم ما حُملتم. قال: فقلت - أو قيل له - ما تقول في هؤلاء القوم؟ أشيء قلته برأيك أم شيء سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: إني إذاً لجريء. لقد سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مرة، ولا ثنتين، ولا ثلاثة، ولا أربعة، ولا خمسة، ولا ستة، ولا سبعة.
سكن أبو أمامة الشام، وسكن حمص، وهو الصدي بن عجلان بن وهب بن عَريب بن وهب بن رياح بن الحارث بن مَعْن بن مالك بن أعصُر. من أهل الشام. مات