قال: فخرج الغلام بالكيس حتى جلس إلى صفوان. فركع وسجد وسلم، وقال له: ما حاجتك؟ قال: أمرني أمير المؤمنين - وهو ذا ينظر إليك وإلي - أن أدفع إليك هذا الكيس، فيه خمس مئة دينار، ويقول لك: استعن بهذه على زمانك وعلى عيالك، فقال له صفوان: ليس أنا الذي أُرسلت إليه. فقال له الغلام: ألست صفوان بن سليم؟ قال: بلى، أنا صفوان بن سليم. قال: فإليك أرسلت. قال: اذهب فاستثبت، فإذا أثبت فهلم، قال الغلام: فأمسك الكيس معك، وأذهب، قال: لا إذا أمسكت فقد أخذت ولكن اذهب فاستثبت وأنا جالس. فولّى الغلام. فأخذ صفوان نعليه وخرج. فلم يُر بها حتى خرج سليمان من المدينة.
قال أنس بن عياض: انصرف صفوان يوم فطر - أو أضحى - إلى منزله ومعه صديق له، فقرب إليه خبزاً وزيتاً، فجاء سائل فوقف على الباب، فقام إليه فأعطاه ديناراً.
قال سفيان: حج صفوان بن سليم وليس معه إلا سبعة دنانير، فاشترى بها بَدَنة، فقيل له في ذلك فقال: إني سمعت الله تبارك وتعالى يقول: " وَالبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيْهَا خَيْرٌ ".
ذُكر صفوان بن سليم عند أحمد بن حنبل فقال أحمد: هذا رجل يُستسقى بحديثه، وينزل القطر من السماء بذكره.
حدث ابن أبي حازم أن صفوان بن سليم لما حضر إخوانه جعل يتقلب، فقالوا: كأن لك حاجة. قال: نعم. فقالت: ابنته: ماله من حاجة إلا أنه يريد أن تقوموا عنه، فيقوم فيصلي، وما ذاك فيه. فقام القوم عنه، وقام إلى مسجد يصلي فوقع، وصاحت ابنته بهم، فدخلوا عليه فحملوه ومات.