للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب تأتيك، فنستحي أن ترانا قعوداً مع هؤلاء عندك. فإذا نحن جئنا فافهم عنها، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت. قال: نعم. قالوا: فاكتب عليك كتاباً، فدعا بالصحيفة ليكتب لهم، ودعا علياً ليكتب. فلما أراد ذلك - ونحن قعود في ناحية - إذ نزل جبريل عليه الصلاة والسلام فقال: " ولا تَطْرُدِ الذينّ يدعونَ رَبَّهُم بالغداةِ والعَشِيِّ يُرِيْدُونَ وجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ " الآية. ثم ذكر الأقرع وصاحبه. قال: " وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ " الآية. وقال: " وإِذَا جَاءَ الَّذِيْنَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ " الآية. فرمى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصحيفة، ودعانا فأتيناه وهو يقول: سلامٌ عليكم، فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته. وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجلس معنا. فإذا أرد أن يقوم قام وتركنا. فأنزل الله عزّ وجلّ: " وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ والعَشِّيِّ يُريْدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ " يقول: ولا تجالس الأشراف " وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا واتّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ".

فأما الذي أغفل قلبه فهو عيينة والأقرع. وأما. فرطاً. ضرب لهم مثلاً رجلين ومثل الحياة الدنيا. قال: فكنا بعد ذلك نقعد مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فإذا بلغنا الساعة التي كنا نقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم. وإلا صبر أبداً حتى نقوم.

وعن أبي سلم بن عبد الرحمن قال:

جاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي فقال: هؤلاء الأوس والخزرج قاموا بنُصْرة هذا الرجل، فما بال هؤلاء؟! قال: فقام مُعاذ فأخذ بتلبيبه حتى أتى به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره بمقالته، فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مغضباً يجر رداءه حتى دخل المسجد ثم نودي الصلاة جامعة، فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: " يا أيها الناس، إن الربّ ربّ واحد، وإن الأب أبٌ واحد، وإن الدين دينٌ واحد. ألا وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>