للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشراب فشرب، ثم ناولني القدح، فقلت: يا أمير المؤمنينَ، قد أعلمتك رأيي في الشراب. قال: ليس لذلك أعطيتك، إنما دفعته إليك لتناوله الغلام، وغضب، فرفع القوم أيديهم، كأن صاعقة وقعت على الخِوان، فذهبت أقوم فقال: اقعد. فلما خلا البيت افترى عليّ ثم قال: يا عاضّ كذا وكذا، أردت أن تفضحني؟! لولا أنك خالي لضربتك ألف سوط، ثم نهى الحاجب عن إدخالي، وقطع عني أرزاقي، فمكثت ما شاء الله، ثم دخلت عليه يوماً متنكراً، فلم يشعر إلا وأنا بين يديه وأنا أقول من أبيات: " البسيط "

يا بن الخلائفِ ما لي بعدَ تقربةٍ ... إليك أُقصى وفي حالَيْك لي عجبُ

كأنني لم يكن بيني وبينكُم ... إلٌّ ولا خُلّة تُرعى ولا نسبُ

قد كان بالودّ قِدْماً منك أزلفني ... بقربك الودّ والإشفاق والحدّبُ

وكنتُ دونَ رجالٍ قد جعلتهم ... دوني إذا ما رأوني مقبلاً كذبوا

إن يسمعوا لخير يخفوه وإن سمعوا ... شراً أذاعوا وإن لم يسمَعوا كذبوا

قال: فتبسم، وأمرني بالجلوس، ورجع لي، وقال: إياك أن تعاود. منها:

أين الذمامةُ والحقُّ الذي نزلَت ... بحفظِه وبتعظيم له الكتبُ؟

وحَوْكي الشعرَ أُصفيه وأنظِمه ... نظمَ القلائد فيها الدُرّ والذهبُ

وإن سُخطَك شيء لم أناجِ به ... نفساً ولم يك مما كنتُ أحتسبُ

لكن أتاك بقولٍ آثمٍ كذبٍ ... قومٌ بغَوني فنالوا فيّ ما طلبوا

وهي طويلة. وقيل في سبب غضبته على طريح غير هذا.

ومن شعره في الوليد: " المنسرح "

أنت ابنُ مُسْلَنطحِ البطاحِ ولم ... تُطرقْ عليكَ الحُنيُّ والوُلُجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>