عكاشة بن مِحْصَن، وثابت بن أقرم، وكانا طليعتين لخالد بن الوليد فلقيهما طليحة وسلمة ابنا خويلد، فقتلاهما، فقال طليحة: يا أمير المؤمنين، رجلان أكرمهما الله بيدي، ولم يُهني بأيديهما، وما كل البيوت بنيت على الحب، ولكن صفحة جميلة، فإن الناس يتصافحون على الشنآن. وأسلم طليحة إسلاماً صحيحاً، ولم يُغمَص عليه في إسلامه. وشهد القادسية ونهاوند مع المسلمين. وكتب عمر أن شاوروا طليحة في حربكم ولا تُولُّوه شيئاً.
وكان طليحة في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنزل بسميراء، ودعا الناس إلى أمره، وأرسل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوادعه، فأرسل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرار بن الأزور، فقدم على سنان بن أبي سنان وعل قضاعي، ثم أتى بني ورقاء من بني الصيداء وفيهم بيت الصيداء وغيرها بكتاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمره إلى عوف بن فلان فأجابه وقبل آمره، وعسكر المسلمون بوارداتِ، واجتمعوا إلى سنان وقضاعي وضرار وعوف، وعسكر الكافرون بسميراء، واجتمعوا إلى طليحة، واجتمع ملأ عوف وسنان وقضاعي على أن دسُّوا لطليحة مخنف بن السليل الهالكي وكان بهمة، وكان قد أسلم فحسن إسلامه، وكان بقية بن الهالك، وكانوا قيوناً، ولهم يقول الشاعر:" الوافر "
جنوحُ الهالكي على يدَيْه ... مُكباً يجتلي ثقبَ النِّصالِ
وكان مخنف إذا هاجت حرب سار في القبائل يسنّ السيوف. وقالوا: لا تستنكر على حالها وشأنك طليحة، ففعل. فلما وقع إليهم أرسل إليه فأعطاه سيفه، فشحذه له، ثم قام به إليه، ورجال من قومه. فنام عليه، فطبق به هامته، فما خصه، وخرّ طليحة مغشياً عليه،