للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد، حتى بعث إليه زياد: اعمل شيئاً تكون فيه إماماً ينتفع الناس به ويعرف به كتاب الله، فاستعفاه من ذلك حتى سمع أبو الأسود قارئاً يقرأ: " أنَّ الله بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِيْنَ وَرَسُوله "، فقال: ما ظننت أن أمر الناس صار إلى هذا، فرجع إلى زياد فقال: أنا أفعل ما رسمه الأمير، فليبغني كاتباً لقِناً يفعل ما أقول، فأُتي بكاتب من عبد القيس، فلم يرضه، فأتي بآخر قال أبو العباس: أحسبه منهم فقال له أبو الأسود: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقُط نقطة فوقه على أعلاه، فإن ضمت فمي فانقُط نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت فاجعل النقطة تحت الحرف، فإن أتبعت شيئاً من ذلك غُنَّة فاجعل ما كان النقطة نقطتين. فهذا نقط أبي الأسود.

وقيل: إن رجلاً جاء إلى زايد فقال: أصلح الله الأمير، توفي أبانا، وترك بنوناً، فقال زياد: توفي أبانا، وترك بنوناً؟! ادع لي أبا الأسود، فقال: ضع للناس الذي كنت نهيتك أن تضع لهم، أبو الأسود استأذنه في أن يضع للعرب كلاماً يقيمون به كلامهم.

وقيل: إن سعداً مرّ بأبي الأسود وكان رجلاً فارسياً وهو يقود فرسه، فقال: مالك يا سعد لا تركب؟ َ فقال: إن فرسي ضالع، فضحك به بعض من حضره. قال: أبو الأسود: هؤلاء الموالي قد رغبوا في الإسلام ودخلوا فيه، فصاروا لنا إخوة، فلو علمناهم الكلام، فوضع باب الفاعل والمفعول لم يزد عليه.

وكان أبو الأسود من أفصح الناس. قال أبو الأسود: إني لأجد للّحن غمزاً كغمز اللحم.

ويقال: إن ابنته قالت له يوماً: يا أبه، ما أحسنّ السماءِ، فقال: نجومُها، قالت: إني لم أُرد أيّ شيء أحسن منها، إنما تعجبت من حسنها. قال: إذاً فقولي: ما أحسنَ السماءَ!

<<  <  ج: ص:  >  >>