للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى نزل القرآن: " ادعُوهُم لآبَائِهِمْ " فرجع عامر إلى نسبه، فقيل: عامر بن ربيعة. وهو صحيح النسب في وائل. وهاجر عامر بن ربيعة إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعاً، ومعه امرأته ليلى بنت أبي حثمة العدوية. وآخى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين عامر بن ربيعة ويزيد بن المنذر بن سرح الأنصاري. وتوفي سنة اثنتين وثلاثين.

وقيل إن قوله تعالى: " ادعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ " الآية، نزلت في عامر بن الخطاب وزيد بن حارثة، وسالم مولى أبي حذيفة، والمقداد بن عمرو، فعرف آباؤهم غير سالم، فإنه لم يعرف أبوه، فثبت على ولاءِ أبي حذيفة.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: لما صدر السبعون من عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طابت نفسه، وقد جعل الله مَنَعَة وقوماً أهلَ حرب وعدةٍ ونجدة، وجعل البلاء يشتد على المسلمين من المشركين لما يعلمون من الخروج، فضيقوا على أصحابه، وتعبّثوا بهم، ونالوا منهم ما لم يكونوا ينالون من الشتم والأذى، فشكا ذلك أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستأذنوه في الهجرة، فقال: " قد أُريتُ دار هجرتكم، أُريت سبَخة ذات نخل بين لابَتيْن وهما الحرّتان ولو كانت الشراة أرض نخل وسباخ لقلت: هي هي "، ثم مكث أياماً، ثم خرج إلى أصحابه مسروراً، فقال: " قد أُخبرتُ بدار هجرتكم، وهي يثرب، فمن أراد الخروج فليخرج إليها "، فجعل القوم يتجهزون، ويترافقون، ويتواسَوْن، ويخرجون ويُخفون ذلك، فكان أولّ من قدم المدينة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو سلمة بن عبد الأسد، ثم قدم بعده عامر بن ربيعة، معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة، فهي أول ظعينة قدمت المدينة، ثم قدم أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسالاً، فنزلوا على الأنصار في دورهم، فآوَوْهم، ونصروهم، وآسَوْهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>