للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاعراً أو ساحراً فقلت: أين هذا الصابىء الذي تزعمونه؟ قال: ها هو ذاك حيث ترى فانقلبت إليه، فوالله ما جُزت عنهم قيس حَجَرة حتى أكبّوا عليَّ بكلّ عظيم وحجر ومدر، فضرجوني بدمي حتى أتيت البيت فدخلت بين الستور والبناء، فصرمت فيه ثلاثين يوماً، لا آكل ولا أشرب إلاّ من ماء زمزم، حتى إذا كانت ليلة قمراء إضحيان أقبلت امرأتان من خزاعة فطافتان بالبيت في ثم ذكرتا أُساف ونائلة، وهما وثنان كانا يعبدانهما في الجاهلية، قال: فأخرجت رأسي من تحت الستور فقلت: احملا أحدهما على صاحبه فغضبتا ثم قالتا: أما والله لو كان رجالنا حضوراً ما تكلمت بهذا، ثم ولّتا، فخرجت أقفوا آثارهما حتى لقيتا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأ عربياً، فقال: ما أنتما؟ ومن أي أنتما؟ ومن أي جئتما؟ وما جاء بكما؟ فأخبرتاه الخبر، فقال: أين تركتما الصابىء؟ فقالتا: تركناه بين الستور والبناء، فقال لهما: هل قال لكما شيئاً؟ قالتا: نعم، كلمة تملأ الفم، قال: فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم انسلَتا. وأقبلت حتى حيَّيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسلام فقال: من أنت؟ وممن أنت؟ ومن أين جئت؟ وما جاء بك، فأنشأت أعلمه الخبر فقال: من أين كنت تأكل وتشرب؟ فقلت: من ماء زمزم. قال: أما إنه طعام طعم، ومعه أبو بكر فقال: يا رسول الله، ائذن لي أن أعشّيَه؟ قال: نعم، ثم خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي، وأخذ أبو بكر بيدي حتى وقف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بباب أبي بكر، ثم دخل أبو بكر، ثم أتانا بزبيب من زبيب الطائف، فجعل يلقيه لنا قُبَصاً قُبَصاً، ونحن نأكل حتى تَملأنا، فقال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا أبا ذر فقلت: لبيك، قال: إنه قد رفعت لي أرض وهي ذات نخل ولا أحسبها إلاّ تهامة، فاخرج إلى قومك فادعهم إلى ما دخلت فيه، قال: فخرجت حتى أتيت أمي وأخي فأعلمتهما الخبر فقالا: ما بنا رغبة عن الدين الذي دخلتَ فيه، قال: فخرجت حتى أتيت أمي وأخي فأعلمتهما الخبر فقالا: ما بنا رغبة عن الدين الذي دخلتَ فيه، فأسلما، ثم خرجنا حتى أتينا المدينة، فأعلمت قومي فقالوا: إنا قد صدقناك، ولكنا نلقى محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما قدم علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتيناه فقالت له غفار: يا رسول الله، إن أبا ذر قد أعلمنا ما أعلمته، وقد أسلمنا وشهدنا أنك رسول الله، ثم تقدمت أسْلَمُ خزاعة فقالوا: يا رسول الله، إنا قد رغبنا ودخلنا فيما دخل

<<  <  ج: ص:  >  >>