ونواصينا بالتوبة، وأنت الراعي لا تُهمل الضالة، ولا تدع الكسير بدار مَضِيعةٍ، فقد ضرع الصغير ورقّ الكبير، وارتفعت الشكوى، وأنت تعلم السر وأخفى، اللهم، فأغثهم بغياثك قبل أن يقنطوا فيهلكوا فإنه لا ييأس من رحمتك إلا القوم الكافرون، قال: فما تمّ كلامه حتى أرخت السماء مثل الحبال.
وفي ذلك يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب:" الطويل "
بعمّي سقى الله الحجاز وأهلَه ... عشيةَ يستسقي بشيبته عُمَرْ
توجّه بالعباس في الجدب راغباً ... إليه فما إنْ رامَ حتى أتى المطرْ
ومنّا رسول الله فينا تُراثُه ... فهل فوق هذا للمفاخِر مُفْتَخرْ
وعن جابر بن عبد الله قال: أصابتنا سنة الرمادة فاستسقينا فلم نُسْق ثم استسقينا فلم نُسق، ثم استسقينا فلم نُسق. فقال عمر: لأستسقين غداً بمن يسقيني الله، فقال الناس: بمن؟ بعلي، بحسن، بحسين؟ فلما أصبح غدا إلى منزل العباس فدقّ عليه، فقال: من؟ فقال: عمر، قال: ما حاجتك؟ قال: اخرج حتى نستسقي الله بك، قال: اقعد، فأرسلَ إلى بني هاشم أن تطهروا والبسوا من صالح ثيابكم، فأتوه، فأخرج إليهم طيباً فطيَّبهم، ثم خرج وعليٌّ أمامه بين يديه، والحسن عن يمينه، والحسين عن يساره، وبنو هاشم خلف ظهره، فقال: يا عمر، لا تخلط بنا غيرنا، قال: ثم أتى المصلى، فوقف فحمد الله وأثنى عليه وقال: اللهم، إنك خلقتنا ولم تؤامرنا، وعلمت ما نحن عاملون قبل ان تخلقنا، فلم يمنعك علمك فينا عن رزقنا، اللهم، فكما تفضَّلْتَ علينا في أوله فتفضّلْ علينا في آخره، فما برحنا حتى سحَّت السماء علينا سحّاً، فما وصلنا إلى منازلنا إلا خوضاً. فقال العباس: أنا المُسقى ابن المسقى ابن المُسقى، خمس مرات. فقال سعيد: فقلت لموسى بن جعفر: كيف ذاك؟ قال: استسقى فسقي عام الرمادة، واستسقى