لو قيلَ للعباسِ يابنَ محمدٍ ... قُلْ: لا وأنت مخُلَدٌ ما قالها
إن السماحة لم تزل مَعْقولةٌ ... حتة حَلَلْتَ براحتيك عِقالها
وإذا الملوكُ تسايرَت في بَلدةٍ ... كانوا كواكِبَها وكنتً هِلالَها
قال العباس بن محمد لمؤدب بنيه: يا فل، إنك قد كفيتَ أعراضهم فاكفني آدابهم، علِّمهم كتابَ الله فإِنّه عليهم نزل، ومن عندهم فصل. وأنه كفى بالمرء جهلاً أن يجهل فضلا عنه أُخذ، وفَقِههم في الحلالِ والحرام فإنه حابسٌ أن يظلموا، وغذهم بالحكمة فإنها ربيع القلوب، والتمسني عند آثارك فيهم تجدني.
قال رجل للعباس بن محمد: إني أتيتُك في حاجة صغيرة، فقال: اطلب لها رجلاً صغيراً.
وحكى ابن قتيبة قال: قال رجل للعباس بن محمد: إني أتيتك في حُوَيْجة، فقال: اطلب لها رُجَيلاً.
قال: وهذا خلاف قول علي بن عبد الله بن العباس لرجل قال له: إني أتيتك في حاجة صغيرة، قال: هاتِها، فإن الرجل لا يصغُر عن كبير أخيه ولا يكبر عن صغيره.
وفي سنة خمس وثمانين ومئة ولي العباس بن محمد الذي تنسب إليه العباسية الجزيرة، وصار إلى الرٌّقة، فأمر الرشيد يفرش له في قصر الإمارة، واتخذت له فيه الآلات، وشحن بالرقيق، حمل إليه خمسة آلاف ألف درهم.
وفي سنة ست وثمانين توفي العباس بن محمد ببغداد، وكانت علته الماء الأصفر. وصلى عليه الأمين. ودفن في العباسية وسنة خمس وستون سنة.