وأرغفة حواري فقال: من أين لكم هذا؟ قالت: يا أبا مسلم، من الدقيق الذي جئت به، فجعل يأكل ويبكي.
حدث الأوزاعي قال: أتى أبا مسلم نفر من قومه فقالوا: يا أبا مسلم، أما تشتاق إلى الحج؟ قال: بلى، لو أصبت لي أصحاباً، قال: فقالوا: نحن أصحابك، قال: لستم لي بأصحاب، إنما أصحابي قوم لا يريدون الزاد ولا المزاد، قالوا: سبحان الله وكيف يسافر قوم بلا زاد ولا مزاد؟! قال لهم: ألا ترون إلى الطير تغدو وتروح بلا زاد ولا مزاد، والله يرزقها وهي لا تبيع ولا تشتري، ولا تحرث ولا تزرع والله يرزقها؟ قال: فإنا نسافر معك، فقال: تهيؤوا على بركة الله تعالى، قال: فغدوا من غوطة دمشق ليس معهم زاداً ولا مزاد، قال: فلما انتهوا إلى المنزل قالوا: يا أبا مسلم، طعام لنا وعلف لدوابنا قال: فقال لهم: نعم، فتنحى غير بعيد فتسنم مسجد أحجار، فصلى فيه ركعتين ثم جثا على ركبتيه قال: إلهي قد تعلم ما أخرجني من منزلي، وإنما خرجت زائراً لك، وقد رأيت البخيل من ولد آدم تنزل به العصابة من الناس فيوسعهم قرى، وإنا أضيافك وزوارك فأطعمنا واسقنا، واعلف دوابنا، قال: فأتي بسفرة فمدت بين أيديهم وجيء بجفنة من ثريد تبخر، وجيء بقلتين من ماء وجيء بالعلف لا يدرون من يأتي به. فلم تزل حالهم منذ خرجوا من عند أهاليهم حتى رجعوا، لا يتكلفون زاداً ولا مزاداً.
كان بيد أبي مسلم الخولاني سبحة يسبح بها قال: فنام والسبحة في يده. قال: فاستدارت السبحة فالتفت على ذراعه وجعلت تسبح، فالتفت أبو مسلم والسبحة تدور في ذراعه وهي تقول: سبحانك يا منبت النبات، ويا دائم الثبات. قال: فقال: هلمي يا أم مسلم وانظري إلى أعجب الأعاجيب قال: فجاءت أم مسلم والسبحة تدور تسبح. فلما جلست سكتت.
قالت جارية أبي مسلم الخولاني: يا أبا مسلم، لقد جعلت لك السم في طعامك منذ كذا وكذا فما أراه يضرك. فقال: ولم فعلت ذلك؟ قالت: أنا جارية شابة، ولا أنت تدنيني من فراشك. فقال: إني كنت