قف لا تصاعد واكتنى ليروعني ... ودعا بدعوة معلن وشعار
فتركته خلفي وسرت أمامه ... وكذاك كنت أكون في الأسفار
فمضى يهددني الوعيد ببلدة ... فيها الزبير كمثل ليث ضار
فتركته كالكلب ينبح وحده ... وأتيت قرم مكارم وفخار
قرما هزبراً يستجار بقربه ... رحب المياه مكرماً للجار
وحلفت بالبيت العتيق وركنه ... وبزمزم والحجر ذي الأستار
إن الزبير لما نعي بمهند ... عضب المهزة صارم بتار
فقال الزبير: قد أجرتك وأنا ابن عبد المطلب، فسر أمامي فإنا - معشر بني عبد المطلب - إذا أجرنا رجلاً لم نتقدمه، فمضى بين يديه والزبير في إثره فليقه حرب فقال: التميمي، ورب الكعبة، ثم شد عليه ثم اخترط سيفه الزبير، ونادى في إخوته، ومضى حرب يشتد، والزبير في إثره حتى صار إلى دار عبد المطلب، فلقيه عبد المطلب خارجاً من الدار فقال: مهيم ياحرب، فقال: ابنك. قال: ادخل الدار، فدخل فأكفأ عليه جفنة هاشم التي كان يهشم فيها الثريد. وتلاحق بنو عبد المطلب بعضهم على إثر بعض، فلم يجترئوا أن يدخلوا دار أبيهم فاحتبوا بحمائل سيوفهم، وجلسوا على الباب فخرج إليهم عبد المطلب. فلما نظر إليهم سره ما رأى منهم فقال: يا بني، أصبحتم أسود العرب. ثم دخل إلى حرب فقال له: قم فاخرج، فقال: يا أبا الحارث، هربت من واحد وأخرج إلى عشرة؟! فقال: خذ ردائي هذا فالبسه، فإنهم إذا رأوا ردائي عليك لم يهيجوك، فلبس رداءه وخرج فرفعوا رؤوسهم، فلما نظروا إلى الرداء عليه نكسوا رؤوسهم، ومضى حرب، فهو قوله: إن أشرف من حرب من أكفأ عليه إناءه وأجاره بردائه.
قال عمرو بن العاص لعبد الله بن جعفر عند معاوية ليصغر منه: يا بن جعفر، فقال له عبد الله: لئن نسبتيني إلى جعفر فلست بدعي ولا أبتر، ثم ولى وهو يقول: