وأنت غداً تزيد الضعف ضعفاً ... كذاك تزيد سادة عبد شمس
قدم أعشى بني أبي ربيعة على عبد الملك بن مروان وهو شيخ كبير، فقال له عبد الملك: ما الذي بقي منك؟ قال: يا أمير المؤمنين، وماذا أخذ وأنا القائل:
وما أنا في أمري ولا في خصومتي ... بمهتضم حقي ولا قارع سني
فلا مسلم مولاي عند جناية ... ولا خائف مولاي من سوء ما أجني
وإن فؤاداً بين جنبي عالم ... بما أبصرت عيني وما سمعت أذني
وفضلني في الشعر واللب أنني ... أقول على علم وأعرف من أعني
فأصبحت إذ فضلت مروان وابنه ... على الناس قد فضلت خير أب وابن
فقال عبد الملك: من يلومني على هذا؟ وأمر له بعشرة آلاف درهم وعشرة تخوت ثياب وعشر فرائض من الإبل، وأقطعه ألف جريب، وقال له: امض إلى زيد الكاتب يكتب لك بها، وأجرى له على ثلاثين عيلاً، فأتى زيداً فقال له: ائتني غداً فأتاه فجعل يردده ويتعبه فقال له:
يا زيد يا فداك كل كاتب ... في الناس بين حاضر وغائب
هل لك في حق عليك واجب ... في مثله يرغب كل راغب
وأنت عف طيب المكاسب ... مبراً من عيب كل عائب
ولست إذ كفيتني وصاحبي ... طول غدو ورواح دائب
وشدة الباب وعنف الحاجب ... من نعمة أسديتها بخائب
فأبطأ عليه زيد وأتى سفيان بن الأبرد الكلبي، فكلمه سفيان فأبطأ عليه فعاد من فوره إلى سفيان فقال له:
عد إذ بدأت أبا يحيى فأنت لنا ... ولا تكن حين هاب الناس هيابا
واشفع شفاعة أنف لم يكن ذنباً ... فإن من شفعاء الناس أذنابا
فأتى سفيان زيد الكاتب، فلم يفارقه حتى قضى حاجته.