للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى رحلي، ففعلت، ولقيت أبا هريرة بالعشي فقلت: يا أبا هريرة، الدعوة عندي الليلة، فقال: سبقتني يا أخا الأنصار، فدعوتهم فإنهم لعندي إذ قال أبو هريرة: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر؟ - وكان عبد الله بن رباح أنصارياً - قال: فذكر فتح مكة، وقال: بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خالد بن الوليد على إحدى المجنبتين، وبعث الزبير على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر ثم آراني فقال: يا أبا هريرة، فقلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، فقال: اهتف لي بالأنصار ولا تأتني إلا بأنصاري. قال: ففعلت، ثم قال: انظروا قريشاً وأوباشهم فاحصدوهم حصداً. قال: فانطلقنا فما أحد منهم يوجه إلينا شيئاً، وما منا أحد منهم إلا أخذه، وجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله أبيرت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، فألقى الناس سلاحهم، ودخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبدأ بالحجر فاستلمه، ثم طاف سبعاً، وصلى خلف المقام ركعتين، ثم جاء ومعه القوس آخذ بسيتها، فجعل يطعن بها في عين صنم من أصنامهم وهو يقول: " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً " ثم انطلق حتى أتى الصفا فعلا منه حتى يرى البيت، وجعل يحمد الله ويدعوه، والأنصار عنده يقولون: أما الرجل فأدركته رغبته في قريته، ورأفته بعشيرته، وجاء الوحي، وكان الوحي إذا جاء لم يخف علينا، فلما رفع اللوحي قال: يا معشر الأنصار، قلتم: أما الرجل فأدركته رغبته في قريته، ورأفته بعشيرته، كلا فما اسمي إذاً؟ كلا، إني عبد الله ورسوله، المحيا محياكم، والممات مماتكم، فأقبلوا يبكون وقالوا: يا رسول الله، والله ما قلنا إلا لضن بالله وبرسوله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم.

وزاد في حديث آخر قال: فوالله ما منهم من أحد إلا من بل نحره بالدموع من عينيه. رضي الله عنهم.

قال أبو عمران الجوني: وقفت مع عبد الله بن رباح ونحن نقاتل الأزارقة مع المهلب فبكى: فقلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>