قالت ريطة بنت عبد الله: كنت عند أسماء إذ جاء ابنها عبد الله فقال: إن هذا الرجل قد نزل بنا، وهو رجل من ثقيف يسمى الحجاج، في أربعين ألفاً من أهل الشام، وقد نالنا نبلهم ونشابهم وقد أرسل إلي يخيرني بين ثلاث: بين أن أهرب في الأرض فأذهب حيث شئت، وبين أن أضع يدي في يده فيبعث بي إلى الشام موقراً حديداً، وبين أن أقاتل حتى أقتل. قالت: أي بني عش كريماً ومت كريماً، فإني سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن من ثقيف مبيراً وكذاباً. قالت: فذهب فاستند إلى الكعبة حتى قتل.
وجاء عمارة بن عمرو بن حزم فقال: لو ركبت رواحلك فنزلت برمل الحرك. فقال ابن الزبير: فما فعلت القتلى بالحرم؟! والله، لئن كنت أوردتهم ثم فررت عنهم لبئس الشيخ أنا في الإسلام.
قال نافع مولى بني أسد: لما كان ليلة الثلاثاء قال الحجاج لأصحابه: والله إني لأخاف أن يهرب ابن الزبير، فإن هرب فما عذرنا عند خليفتنا؟ فبلغ ابن الزبير قوله فتضاحك وقال: إنه ظن بي ظنه بنفسه، إنه فرار في الموطن وأبوه قبله.
ولما ارتجز ابن الزبير قوله:
لو كان قرني واحداً كفيته
قال ابن صفوان: إي والله. وألف.
وقيل: إنه لما أصابته الآخرة أصابته في قفاه، فوقذته، فارتعش ساعة ثم وقع لوجهه، ثم انتهض فلم يقدر على القيام، وابتدره الناس، وشد عليه رجل من أهل الشام وقد ارتعش ابن الزبير فهو متوكئ على مرفقه الأيسر، فضرب الرجل فقطع رجليه