قال ابن سلام: فسمعت يونس يقول: فقدم الكتاب على خالد، فحبسه وضربه مئة سوط، فأتى الشيبي سليمان، فأراه ظهره وأرسل بثوبه مع ابنه متزملاً بالدماء، فكتب سليمان إلى طلحة بن داود الحضرمي - وكان قاضي مكة - يأمره إن كان خالد ضربه بعد قراءة الكتاب أن يقطع يده، وإن كان ضربه قبل قراءة الكتاب أن يضربه مئة سوط، ويسهد ثلاث ليال.
قال محمد بن عائشة: فشهد له رجلان ضخمان: داود بن علي بن عبد الله بن عباس، وكان يلي أمر زمزم، فكان يقيم بمكة، وعبد الأعلى بن عبد الله بن عامر بن كريز، شهدا أن خالداً ضربه قبل قراءة الكتاب، فضربه طلحة مئة سوط وسهد فكان يقول: التسهيد أشد علي من الضرب. فمر به الفرزدق وهو يضرب فقال: ضم إليك جناحك يا بن النصرانية. قال خالد: فانتفعت بما قال، فقال الفرزدق:
لعمري لقد صبت على ظهر خالدٍ ... شآبيب ما استهللن من سبل القطر
وعمري لقد سار ابن شيبة سيرةً ... أرتك نجوم الليل ضاحية تجري
أتضرب في العصيان من ليس عاصياً ... وتعصي أمير المؤمنين، أخا قسر؟!
وكان سليمان أمر بقطع يده البتة، فكلمه يزيد بن المهلب فصار إلى ما صار إليه. وقيل: إن يزيد بن المهلب قبل يده. وقال الفرزدق:
سلوا خالداً لا قدس الله خالداً ... متى ملكت قسر قريشاً تدينها
أقبل رسول الله أم بعد عهده ... أم أضحت قريش قد أغث سمينها
وأم عبد الله بن شيبة: لبنى بنت شداد بن قيس بن الأوبر بن أبان بن صفوان، من بني الحارث بن كعب.