للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عبد الرحمن بن عوف: أنه دخل على أبي في مرضه الذي توفي فيه، فأصابه مفيقاً، فقال له عبد الرحمن: أصبحت والحمد لله بارئاً، فقال أبو بكر: تراه؟ قال: نعم، قال: إني على ذلك لشديد الوجع، وما لقيت منكم، يا معشر المهاجرين، أشد علي من وجعي إني ولّيت أمركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم من ذلك أنفه، يريد أن يكون الأمر له، ورأيتم الدنيا قد أقبلت، ولما تقبل، ولهي مقبلة حتى تتخذوا ستور الحرير، ونضائد الديباج، وتألمون بالانضجاع على الصوف الأذربي كما يألم أحدكم أن ينام على حسك السعدان، والله لأن يقدم أحدكم فتضرب رقبته في غير حدٍّ خير له من أن يخوض غمرة الدنيا! وأنتم أول ضال بالناس غداً، فيصفقون عن الطريق يميناً وشمالاً يا هادي الطريق، إنما هو الفجر أو البحر.

فقال له عبد الرحمن: خَفِّض عليك يرحمك الله، فإن هذا يهيضك على ما بك، إنما الناس في أمرك رجلان: إما رجل رأى ما رأيت، فهو معك، وإما رجل رأى ما لم ترَ، فهو يشير عليك بما يعلم، وصاحبك كما تحب، ولا نعلمك أردت إلا الخير، ولم تزل صالحاً مصلحاً مع أنك لا تأسى على شيء من الدنيا، فقال أبو بكر: أجل، لا آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني لو تركتهن، وثلاث تركتهن وددت أني لو فعلتهن، وثلاث وددت لو أني سألت عنهن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأما التي وددت أني تركتهن: يوم سقيفة بني ساعدة وددت لو أني ألقيت هذا الأمر في عنق أحد هذين الرجلين - يعني عمر وأبا عبيدة - فكان أحدهما أميراً وكنت وزيراً، ووددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة عن شيء، مع أنهم أغلقوه على الحرب، ووددت أني لو لم أكن

<<  <  ج: ص:  >  >>