يا أمير المؤمنين، أما رأيت ما صنع الصبي؟ والله لا يكون قتله، وقتل رجال أهل بيته إلا على يديه! فما مضت الأيام والليالي حتى ورد عبد الله والياً على الشام من قبل أبي العباس، فقتل ثلاثة وثمانين رجلاً من بني أمية، فأتي بالصبي فيمن أتي به، فقال: أنت صاحب القوس! فقُدّم، فضربت عنقه.
قال محمد بن عائذ:
فلما كان سنة ست وثلاثين ومائة أغزى أبو العباس جماعة من أهل الشام والجزيرة والموصل كما كانوا يغزون، وأغزى جماعة من أهل خراسان، وأهل العراقين، وولى على جماعتهم عبد الله بن علي، وأمره بالإدراب وتوفي أبو العباس، فرأوا كتمان عبد الله بن علي ذلك ليتم إدرابه، وكتبوا إلى صالح بن علي وهو بمصر بولايته على عمله الأول، وعلى ما كان يليه عبد الله بن علي من الشام، ويأمرونه بالمسير إلى ذلك فمر الرسول بذلك إلى صالح بن علي بقربة له بحلب فباح به إليه، واستكتمه إياه يوماً وليلة، ومضى الرسول: فأخبر بذلك المستكتم عامل عبد الله بن علي على حلب، فأخذ الكتاب، فبعث به إلى عبد الله وهو بدُلوك، فقرأه فجمع إليه الناس، ودعا إلى نفسه، واستشهد حميد بن قحطبة وأصحاباً له أن أبا العباس قد كان جعل له العهد في مسيره إلى مروان إن هو هزمه، فشهدوا له بذلك، فبايعوه بالخلافة، وانصرف عن الإدراب، ومضى يريد العراق، فوجه إليه أبو جعفر أبا مسلم في نحوٍ من أربعين ألفاً، فقاتل عبد الله بن علي فاتحة سبع وثلاثين ومائة حتى هزمه الله.
قال العجلي: كان عيسى بن موسى لا يقطع أمراً عن ابن شُبرمة، فبعث أبو جعفر إلى عيسى بن موسى عبد الله بن علي، وأمره أن يحبسه، ثم كتب إليه أن يقتله، فبعث عيسى بن موسى إلى ابن شبرمة، فقال: إن أبا جعفر بعث إلي بعمه، وأمرني أن أحبسه، وكتب إلي أن أقتله، فقال له ابن شبرمة: لم يرد غيرك! وكان عيسى بن موسى ولي العهد بعد أبي جعفر، فقال له ابن شبرمة: احبسه واكتب إليه: إني قد قتلته، فقال أبو جعفر - وقد علم بالأمر - قتلني الله إن لم أقتل الأعرابي، عيسى بن موسى لا يعرف هذا! فما زال ابن