وعن أبي موسى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" إن مثل ما آتاني الله عز وجل من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يعقل هدى الله الذي أُرسلت به ". وعن أبي موسى أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" إن مثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال: أني رأيت الجيش، يعني: وإني النذير، فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه، فارتحلوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم فصبّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثلي ومثل من أطاعني واتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذّب بما جئت به من الحق ".
وروي عن الحسن أنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما مثلي ومثلكم ومثل الدنيا كمثل قومٍ سلكوا مفازةً غبراء لا يدرون، ما قطعوا منها أكثر أم ما بقي منها؟ فحسر ظهرهم، ونفد زادهم، وسقطوا بين ظهراني المفازة، وأيقنوا بالهلكة، فبينا هم كذلك إذ خرج عليهم رجل في حلة يقطر رأسه فقالوا: إن هذا لحديث العهد بالريف، فانتهى فقال: ما لكم يا هؤلاء؟ قالوا: ما ترى. حسر ظهرنا، ونفد زادنا، وسقطنا بين ظهراني المفازة، لا ندري ما قطعنا منه أكثر أم ما بقي علينا؟ قال: ما تجعلون لي إن أوردتكم ماء رواء ورياضاً خضراً؟ قالوا: نجعل لك حكمك. قال: تجعلون لي عهودكم ومواثيقكم ألا تعصوني؟ قال: فجعلوا له عهودهم ومواثيقهم ألا يعصوه، فمال بهم فأوردهم رياضاً خضراً وماء روىً. فمكث يسيراً ثم قال: هلموا إلى رياض أعشب من رياضكم وماء أروى من مائكم فقال رجلٌ من القوم: ما قدرنا على هذا حتى كدنا ألا نقدر عليه، وقالت طائفة منهم: ألستم قد جعلتم لهذا الرجل عهودكم ومواثيقكم ألا تعصوه، وقد صدقكم في أول حديثه، وآخر حديثه مثل أوله، فراح وراحوا معه، فأوردهم رياضاً خضراً وماء روىً، وأتى الأخرى العدو من تحت ليلتهم فأصبحوا بين قتيل وأسير ".