للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطنه غائطاً ولا بولاً، وإن حك أحدكم فرجه فمرشة أو مرشتين، وليكن ذلك خفيفاً، فشخصت أبصارهم - أو قال: فصرفوها عنه - فقال: ما صرف أبصاركم عني؟ قالوا: الهلال، أيها الأمير، قال: أفذاك الذي أشخص أبصاركم عني؟ قالوا: نعم، قال: فكيف بكم إذا رأيتم الله جهرةً؟! وقال لأهل البصرة: إن أمير المؤمنين عمر بعثني أعلمكم كتاب ربكم، وسُنة نبيكم، وأنظف لكم طرقكم.

عن أبي المليح الهذلي قال: كتب عمر إلى أبي موسى: أما بعد؛ فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، آسِ بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك حتى لا يأيس الضعيف من عدلك، ولا يطمع الشريف في حيفك، البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر والصلح بين المسلمين إلا صلح أحل حراماً أو حرّم حلالاً، لا يمنعك قضاء قضية راجعت فيه نفسك، وهُديت فيه لرشدك أن تراجع الحق؛ فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسُنة، اعرف الأمثال والأشباه، ثم قس الأمور عند ذلك، فأحبه إليّ أحبه إلى الله، وأشبهها بالحق فيما يرى، اجعل للمدعي أمداً ينتهي إليه، فإن أحضر بينته أخذ حقه، وإلا وجهت عليه القضاء، فإن ذلك أجلى للعمى، وأبلغ للعذر، والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلود في حد، أو مجرب في شهادة زورٍ، أو ظنين في ولاءٍ أو قرابةٍ، إن الله تولى منكم السرائر، ودرأ عنكم الشبهات، ثم إياك والقلق، والضجر، والتأذي بالناس، والتنكر للخصوم في مواطن الحق التي يوجب الله بها الأجر، ويحسن بها الذخر، فإنه من يصلح نيته فيما بينه وبين الله ولو على نفسه يكفه الله ما بينه وبين الناس، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>