فقال:" إنها ستكون فتنة بين أمتي، أنت - يا أبا موسى فيها نائماً خير منك قاعداً، وقاعداً خير منك قائماً، وقائماً خير منك ماشياً " فخصك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يعم الناس؟ فخرج أبو موسى ولم يرد عليه شيئاً.
عن سويد بن غفلة قال: سمعت أبا موسى الأشعري يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يكون في هذه الأمة حكمين ضالين، ضال من اتبعهما " فقلت: يا أبا موسى، انظر لا تكون أحدهما، قال: فوالله ما مات حتى رأيته أحدهما.
عن عكرمة قال:
لما كان يوم الحكمين، فحكم معاوية من قبله عمرو بن العاص قال الأحنف بن قيس لعلي: يا أمير المؤمنين، حكم ابن عباس، فإنه نحوه وابن عباس رجل مجرب، قال علي: فأنا أفعل، فحكم ابن عباس، فأتت اليمانية، وقالوا: لا، حتى يكون منا رجل، ودعوا إلى أبي موسى الأشعري، فجاء ابن عباس إلى علي فقال: علام تحكم أبا موسى؟ فوالله لقد عرفت رأيه فينا، فوالله ما نصرنا وهو يرجو ما نحن فيه، فتدخله الآن في معاقد الأمر، مع أن أبا موسى ليس بصاحب ذاك، فإذا أبيت أن تجعلني مع عمرو فاجعل الأحنف بن قيس، فإنه مجرب من العرب، وهو قرن لعمرو بن العاص، فقال علي: فأنا أجعل الأحنف، فأتت اليمانية أيضاً، وقالوا: لا يكون فيها إلا يمان، فلما غلب علي جعل أبا موسى.
وقال ابن عباس: قلت لعلي يوم الحكمين: لا تحكم الأشعري، فإنه معه رجلاً حذر مرس قارح من الرجال، فَلُز بي إلى جنبه، فإنه لا يحل عقدة إلا عقدتها، ولا يعقد عقدة إلا حللتها، قال: يا بن عباس، فما أصنع؟ إنما أوتى من أصحابي، قد ضعفت بينهم، وكلوا في الحرب، هذا الأشعث بن قيس يقول: لا يكون فيها مضريان أبداً حتى يكون أحدهما يمان، قال ابن عباس: فعذرته، وعرفت أنه مضطهد، وأن أصحابه لا نية لهم.