عن أبي بحرية قال: قدمت الشام، فجئت المسجد، فإذا أنا بحلقة مشيخة، فيهم فتى شاب يحدثهم قد أنصتوا له، قلت: من هؤلاء؟ قالوا أصحاب محمد، قلت: ومن الشاب؟ قالوا: معاذ بن جبل، فرحت إلى المسجد، وكان يُهجِّر فجئته، وقد قضى سبحته، وجلس، فجلست، فقلت: إني لأحبك في الله، فأخذ بججزتي، فجذبها وقال: الله؟ قلت: الله، مرتين أو ثلاثاً، فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " وجبت رحمتي - أو قال: محبتي - للذين يتحابون فيّ، ويتجالسون فيّ، ويتزاورون فيّ، ويتباذلون فيّ ".
قال حسان بن عطية: دخل أبو كبشة السلولي مسجد دمشق، فقام إليه عبد الله بن أبي زكريا ومكحول وأبو بحرية في أناسٍ، قال حسان: فكنت فيمن قام إليه، فحدثنا قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أربعون حسنة أعلاها منيحة العنز لا يعمل رجل بخصلةٍ منها رجاء ثوابها، وتصديق موعودها إلا أدخله بها الجنة ".
قال حسان: فذهبنا نعد: رد السلام، وإماطة الحجر، ونحو ذلك مما دون منيحة العنز، فما أجزنا خمسة عشر.
عن أبي بحرية قال: عُدنا أبا عبيدة بن الجراح بالشام في رهطٍ من أصحابنا، فلما جلسنا إليه قال رجل منا: أبشر بالأجر من الله يا أبا عبيدة، فقال: أي بني - أو ابن أخي - إنما الأجر في سبيل الله، ولكن المرض يحط الخطايا والذنوب كما تحط عن الإبل أوثاقها إذا هي جاءت من أرض نائية.