المؤمنين إني رأيت في مسيرنا عجباً! نزلت إلى البلقاء فرأينا جارية - وقص عليه قصتها - قال: أفتعرفها؟ قال: نعم. فسماها وأهلها وموضعها، وقال: يا أمير المؤمنين أنا الذي أقول فيها: من الخفيف:
إن زين الغدير من كسر الجر ... ر وغنى غناء فحلٍ مجيد
قلت: من أنت يا ظعين؟ فقالت ... كنت فيما مضى لآل الوليد
ثم بُدّلت بعد حي قريشٍ ... من بني عامرٍ لآل الوحيد
فغنائي لمعبدٍ ونشيدي ... لفتى الناس الأحوص الصنديد
يعجز المال عن شراك ولكن ... أنت في ذمة الهمام يزيد
قال: فمضى لذلك ما مضى، ثم دخل الأحوص ومعبد يوماً على يزيد، فأخرج إليهما الجارية، ثم قال: يا أحوص، أفتعرف هذه الجارية؟ قال: نعم. ثم قال لها الأحوص: أوفينا لك؟ قالت: نعم، جزاكما الله خيراً.
عن أيوب بن عمر، عن أبيه قال: ركب الأحوص إلى الوليد قبل ضرب ابن حزم إياه، ليشكوه إليه، فلقيه رجل من بني مخزوم، يقال له: ابن عنبة، فوعده أن يعينه على ابن حزم، فلما دخلا على الوليد قال له الوليد: ويلك! ما هذا الذي أتيت به يا أحوص؟ قال: يا أمير المؤمنين، والله لو كان الذي رماني به ابن حزمٍ أمراً من أمر الدين، إلا أن دناءته ونذالته على ما هي عليه لاجتنبته، فكيف وهو من أكبر معاصي الله؟ وأنا الذي أقول:" لظلوا وأيديهم إليك تشير " قال: فقال ابن عنبة: يا أمير المؤمنين، إن ابن حزمٍ من فضله، وعدله، ورضاه في بلده، وليس ممن يتهم له قول ولا حكم، فقال الأحوص: هذا والله كما قال الأول: من الطويل