أعلمته أنك أحد عماله على المظالم والحسبة، فادخل عليه في الزي الذي يحب، فدخل، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال: وعليك، ألست القائم بنا والواعظ لنا ومذكرنا بأيام الله على رؤوس الملأ؟ قال: نعم، قال: فكيف ملت عن مذهبك؟ قال: يا أمير المؤمنين فكرت في أمري فإذا أنا قد أخطأت فيما تكلمت به، ورأيتني مصيباً في مشاركة أمير المؤمنين في أمانته، فقال: هيهات أخطأت استك الحفرة! هبناك يوم أعلنت الكلام، وظننا أنك أردت الله به، فكففنا عنك! فلما تبين لنا أنك الدنيا أردت جعلناك عظةً لغيرك حتى لا يجترئ بعدك مجترئ على الخلافة، أخرجه يا عبد الجبار، فاضرب عنقه! فأخرجه فقتله.
قال أبو عبيد الله: سمعت المنصور أمير المؤمنين يقول لأمير المؤمنين المهدي: يا أبا عبد الله، إن الخليفة لا يصلحه إلى التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلاً من ظلم من هو دونه.
وقال له: لا تبرمن أمراً حتى تفكر فيه؛ فإن فكرة العاقل مرآة تريه قبيحه وحسنه.
عن الأصمعي أن المنصور قال لابنه: أي بني ائتدم النعمة بالشكر، والمقدرة بالعفو، والطاعة بالتآلف والنصر بالتواضع والرحمة للناس.
عن المبارك بن فضالة قال: كنا عند أمير المؤمنين المنصور فدعا برجلٍ، ودعا بالسيف، فأخرج المبارك رأسه