وقد ابتليت بلبس السواد؟ قلت: إني كنت أصغر من ذلك. كان أبو مسلم أخذ الناس كلهم بلبس السواد، الصغار والكبار.
وعبد الله بن المبارك الخراساني مولى عبد شمس من بني سعد بني تميم، وكانت أم عبد الله بن المبارك خوارزمية وأبوه تركي. وكان عبداً لرجلٍ من التجار من همذان من بني حنظلة، وكان عبد الله إذا قدم همذان يخضع لولده ويعظمهم.
وروى عبد الله بن المبارك كثيراً، وطلب العلم، وصنف٦ كتباً كثيرة في أبواب العلم وصنوفه، حملها عنه قوم، وكتبها الناس عنهم، وسمع علماً كثيراً وكان ثقة، مأموناً، إماماً، حجةً، كثير الحديث.
وقال سلام بن أبي مطيع: ما خلف بالمشرق مثله.
وكان من الربانيين في العلم، الموصوفين بالحفظ، ومن المنادين بالزهد.
سئل ابن المبارك عن أول زهدة فقال: إني كنت يوماً في بستان، وأنا شاب مع جماعة من أترابي، وذلك في وقت الفواكه، فأكلنا وشربنا، وكنت مولعاً بضرب العود، فقمت في بعض الليل، وإذا غصن يتحرك تحت رأسي، فأخذت العود لأضرب به فإذا بالعود ينطق وهو يقول:" ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " قال: فضربت بالعود الأرض فكسرته، وصرفت ما عندي من جميع الأمور التي كنت عليها مما شغل عن الله، وجاء التوفيق من الله تعالى، فكان ما سهل لنا من الخير بفضل الله ورحمته.
قال ابن المبارك: كنا نطلب هذا الحديث وفي خفافنا المباخر، وكنا نطلبه لغير الله فردنا إلى الله.