قال لا. ولكنه أخبار الأنبياء. فقلت له: أنظر فيه، فقال: دونك، فإذا أوله: بسم الرب الشفيق المتحنن على خلقه. حدثنا شمعون بن خنوع بن مارغ عن زكريا بن غمريل بن دان بن يحيى قال: مما أثر علماؤنا عن نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام أنه مر ببساطه فبسط، وحف بكراسي وجلس عليه معه رجال من بني إسرائيل ثم أمر بالسحاب فأظلته، وأمر بالريح فحملته، وسار متنزهاً. فلما سار غير بعيد هبط عليه جبريل عليه السلام، قال: يا نبي الله، إلى أين سفرك هذا؟ فقال: أردت أن أروح عن قلبي، وأفتح عيني، وأنظر إلى نبات بلاد ربي عز وجل، فقال له جبريل: إن الله جل وعز ملائكة وكلهم بالمسافرين، فإذا خرج الرجل من بلده مسافراً تلقاه ملك فيقول له: أين تقصد في وجهك هذا؟ فإن قال: أغزو في سبيل الله، أطلب ثواب الله، قال الملك: اللهم اصحبه بالسلامة في سفره، والغنيمة في معيشته، واخلفه بخير، وإن قال: ألتمس التمحيص لذنوبي بالشهادة، قال الملك: اللهم، ارزقه شهادة سعيدة تمحص عنه ذنوبه وتحط بها أوزاره، وإن قال: خرجت طالباً للعلم والفقه في ديني، قال: اللهم، آته من الحكمة ما تفقهه في دينه وعلمه من تأويل كتابك، وأتبعه سنة نبيك. فإن قال: أور أخاً لي، قال الملك: أبينك وبينه رحم تصلها، أو له عندك معروف، أو يد تكافئه بذلك عليها؟ فإن قال: لا إلا أني أحبه في الله، قال الملك: اللهم، اكتب بخطاه حسنات، وامح بعدها سيئات، وإن قال: أقصد فلاناً الملك ألتمس من نائله، قال له الملك: أي ملك أعظم من الله سبحانه ملكاً، واوسع منه رزقاً، وأسرع منه عطاء؟ وإن قال: خرجت أتعرض من فضل الله، وأعود به على عيالي، قال الملك: اللهم، احفظ عليه ماله وأوسع ربحه وأسرع أوبته، وإن قال: خرجت متنزهاً ومتصيداً، قال الملك: أما علمت أن الله جل ثناؤه سيسألك يوم القيامة عن ما له الذي أعطاك فيم أنفقته؟ وعن عمرك فيم أفنيته؟ وعن قوتك فيم استعملتها؟ وعن بدنك فيم أتبعته؟ قال: فاستحيا سليمان من جبريل عليه السلام، ورجع من ساعته، فما عاد ليسفر إلا في سبيل الله.