للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال معلى بن أيوب: وقف المأمون في بعض أسفاره وهو قافل إلى طرسوس في قدمته التي مات فيها، فوقف على شرفٍ عالٍ ثم انشاً يقول: البسيط

حتى متى أنا في حط وترحالٍ ... وطول سعيٍ وإدبارٍ وإقبالٍ

ونازح الدار لا أنفك مغترباً ... عن الأحبة ما يدرون ما حالي

بمشرق الأرض طوراً ثم مغربها ... لا يخطر الموت من حرصٍ على بالي

ولو قعدت أتاني الرزق في دعةٍ ... إن القنوع الغنى لا كثرة المال

وصفت للمأمون جارية، بكل ما توصف امرأة من الكمال والجمال، فبعث في شرائها فأتي بها وقت خروجه إلى بلاد الروم. فلما هم ليلبس درعه خطرت بباله، فأمر، فأخرجت إليه. فلما نظر إليها أعجب بها؛ فقالت: ما هذا؟ قال: أريد الخروج إلى بلاد الروم. قالت: قتلتني والله يا سيدي، وحدرت دموعها على خدها كنظام اللؤلؤ، وأنشأت تقول: الوافر

سأدعو دعوة المضطر رباً ... يثيب على الدعاء ويستجيب

لعل الله أن يكفيك حرباً ... ويجمعنا كما تهوى القلوب

فضمها المأمون إلى صدره، وأنشأ يقول: الطويل

فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها ... وإذ هي تذري الدمع منها الأنامل

صبيحة قالت في العتاب قتلتني ... وقتلي بما قالت هناك تحاول

ثم قال لخادمه: يا مسرور، احتفظ بها، وأكرم محلها، وأصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلمح لها كل ما تحتاج إليه من المقاصير والخدم والجواري إلى وقت رجوعي، فلولا ما قال الأخطل حين يقول: البسيط

قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء ولو باتت بأطهار

<<  <  ج: ص:  >  >>