قال: عرفت يا أمير المؤمنين: الضب المضب، فأشخب أوداجه على أثباجه، فإنه إن أفلت من حبالك بعد أن رمت، ومن قرانك بعد أن حزمت، ليحملن عليكجيشاً تحيا فيه أصائله ويكثر فيه صهيله ودواغله، فإن العصا من العصية، ولا تلد الحية إلا حية، وإنما مثله يا أمير المؤمنين كما قال الشاعر: الوافر
أمامة قد حللت بلاد قومٍ ... هم الأعداء والأكباد سود
هم إن يأخذوني يقتلوني ... ومن أثقف فليس له خلود
قال: فقال عبد الله بن هاشم: فأين كنت عن ذلك يا بن الأبتر يوم تلوذ بعاتق الدماث، وتطير مع الغداف، يوم كسرتك بصفين، وأنت كالأمة السوداء لا تمنع يد لامس، فقال معاوية: تلك أضغان صفين، وما ورثك أبوك. قال: فما فيك يا معاويةما تنتصر حتى تسلط علينا عبدكم، والله لئن شئت لأربدن وجهه، ولأخرسن لسانه، وليقومن وبين كتفيه عنابة يلين لها أخدعاه، فأمر به معاوية إلى الحبس، وخرج عمرو مغضباً وأنشأ يقول: الطويل.
أمرتك أمراً حازماً فعصيتني ... وكان من التوفيق قتل ابن هاشم
أليس أبوه يا بن هند الذي به ... رمانا علي يوم حز الغلاصم
يقتلنا حتى جرت من دمائنا ... بصفين أمثال البحار الخضارم
فهذا ابنه والمرء يشبه عيصه ... ولا شك أن تقرع به سن نادم